الحياة حينئذ وقوله سبحانه : ذلك إشارة إلى محل النزاع وهو الرجع والبعث بعد الموت أي ذلك الرجع رجع بعيد .
3 .
- أي عن الأوهام أو العادة أو الأمكان وقيل : الرجع بمعنى المرجوع أي الجواب يقال هذا رجع رسالتك ومرجوعها ومرجوعتها أي جوابها والأشارة عليه إلى أئذا متنا الخ والجملة من كلام الله تعالى والمعنى ذلك جواب بعيد منهم لمنذرهم وناصب إذا حينئذ ما ينبيء عنه المنذر من المنذر به وهو البعث أي أئذا متنا وكنا ترابا بعثنا وقد يقال : : أنه لما تقرر أن ذلك جواب منهم لمنذرهم فقد علم أنه أنذرهم بالبعث ليصلح ذلك جوابا له فهو دليل أيضا على المقدر فالقول بأنه إذا كان الرجع بمعنى المرجوع وهو الجواب لا يكون في الكلام دليل على ناصب إذا مندفع نعم هذا الوجه في نفسه بعيد بل قال أبو حيان : أنه مفهوم عجيب ينبو عن إدراكه فهم العرب .
وقرأ الأعرج وشيبة وأبو جعفر وابن وثاب والأعمش وابن عتبة عن ابن عامر إذا بهمزة واحدة على صورة الخبر فجاز أن يكون استفهاما حذفت منه الهمزة وجاز أن يكون خبرا قال في البحر : وأضمر جواب إذا أي إذا متنا وكنا ترابا رجعنا وأجاز صاحب اللوامح أن يكون الجواب ذلك رجع بعيد على تقدير حذف الفاء وقد أجاز ذلك بعضهم في جواب الشرط مطلقا إذا كان جملة إسمية وقصره أصحابنا على الشعر في الضرورة .
قد علمنا ما تنقص الأرض منهم أي ما تأكل من لحوم موتاهم وعظامهم وأشعارهم وهو رد لاستبعادهم بإزاحة ما هو الأصل فيه وهو أن أجزاءهم تفرقت فلا تعلم حتى تعاد بزعمهم الفاسد وقيل : ما تنقص الأرض منهم من يموت فيدفن في الأرض منهم ووجه التعبير بما ظاهر والأول أظهر وهو المأثور عن ابن عباس وقتادة وقوله تعالى : وعندنا كتتاب حفيظ .
4 .
- تعميم لعلمه تعالى أي وعندنا كتاب حافظ لتفاصيل الأشياء كلها ويدخل فيها أعمالهم أو محفوظ عن التغير والمراد إما تمثيل علمه تعالى بكليات الأشياء وجزئياتها بعلم عنده كتاب حفيظ يتلقى منه كل شيء أو تأكيد لعلمه تعالى بثبوتها في اللوح المحفوظ عنده سبحانه .
هذا وفي الآية إشارة إلى رد شبهة تمسك بها من يرى استحالة إعادة المعدوم وفي البعث لذلك بناء على أجزاء الميت تعدم ولا تتفرق فقط وحاصلها أن الشيء إذا عدم ولم يستمر وجوده في الزمان الثاني ثم أعيد في الزمان الثالث لزم التحكم الباطل في الحكم بأن هذا الموجود المتأخر هو بعينه الموجود السابق لا موجود آخر مثله مستأنف إذ لما فقد هوية الموجود الأول لم يبق منه شيء من الموضوع والقوارض الشخصية حتى يكون الموجود الثاني مشتملا عليه ويكون مرجحا للحكم المذكور ويندفع التحكم .
وحاصل الرد أن الله تعالى علم بتفاصيل الأشياء كلها يعلم كلياتها وجزئياتها على أتم وجه وأكمله فللمعدوم صورة جزئية عنده سبحانه فهو محفوظ بعوارضه الشخصية في علمه تعالى البليغ على وجه يتميز به عن المستأنف فلا يلزم التحكم ويكون ذلك نظير انحفاظ وحدة الصورة الخيالية فينا بعد غيبة المحسوس عن الحس كما إذا رأينا شخصا فغاب عن بصرنا ثم رأيناه ثانيا فإنا نحكم بأن هذا الشخص هو من رأيناه سابقا وهو حكم مطابق للواقع مبني على انحفاظ وحدة الصورة الخيالية قطعا ولا ينكره إلا مكابر وقال بعض الأشاعرة : إن للمعدوم صورة جزئية حاصلة بتعلق صفة البصر من