وأنه شيء يليق بأمثالهم فأنى يخلق بالمنة وللتنبيه على أن المراد بالإيمان المعتد به لم يضفه D ونبه سبحانه بقوله جل وعلا : إن كنتم صادقين على أن ذلك كذب منهم واللطف في تقديم التكذيب ثم الجواب عن المن مع رعاية النكت في كل من ذلك وتمام الحسن في التذييل بقوله تعالى : إن الله يعلم غيب السماوات والأرض أي ما غاب فيهما والله بصير بما تعملون .
18 .
- أي في سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه سبحانه ما في ضمائركم وذلك ليدل على كذبهم وعلى إطلاعه D خواص عباده من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأتباعه رضي الله تعالى عنهم وقرأ ابن كثير وأبان عن عاصم يعلمون بياء الغيبة والله تعالى أعلم .
ومن باب الأشارة في بعض الآيات يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله الخ إشارة إلى لزوم العمل بالشرع ورعاية الأدب وترك مقتضيات الطبع وقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا يشير إلى أنه إن سولت النفس الأمارة بالسوء وجاءت بنبأ شهوة من شهوات الدنيا ينبغي التثبت للوقوف على ربحها وخسرانها أنتصيبوا قوما من القلوب وصفاتها بجهالة فتصبحوا صباح يوم القيامة على ما فعلتم نادمين فإن ما فيه شفاء النفوس وحياتها فيه مرض القلوب ومماتها واعلموا أن فيكم رسول الله الخ يشير إلى رسول الألهام الرباني في الأنفس بلهم فجورها وتقواها ويشير قوله تعالى : فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتتى تفيء إلى أمر الله إلى أن النفس إذا ظلمت القلب باستيلاء شهواتها يجب أن تقاتل حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة فإن استجابت بالطاعة عفي عنها لأنها هي المطية إلى باب الله D إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم إشارة إلى رعاية حق الأخوة الدينية ومنشأ نطفها صلب النبوة وحقيقتها نور الله تعالى فإصلاح ذات بينهم برفع حجب أستار البشرية عن وجوه القلوب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب فيصيروا كنفس واحدة يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم يشير إلى ترك الأعجاب بالنفس والنظر إلى أحد بعين الأحتقار فإن الظاهر لا يعبأ به والباطن لا يطلع عليه فرب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله تعالى لأبره قالت الأعراب آمنا إلى آخره فيه إشارة إلى أنه ينبغي ترك رؤية الأعمال والعلم بأن المنة في الهداية لله الملك المتعال وفيه إرشاد إلى كيفية مخاطبة الجاهلين والرد على المحجوبين كما سلفت إليه هذا ونسأل الله التوفيق لما يرضاه يوم العرض عليه .
سورة ق وتسمى سورة الباسقات .
وهي مكية وأطلق الجمهورذلك وفي التحرير عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا قوله تعالى : ولقد خلقنا السماوات والأرض الآية فهي مدنية نزلت في اليهود وآيها خمس وأربعون بالأجماع ولما أشار سبحانه في آخر السورة السابقة إلى أن إيمان أولئك الأعراب لم يكن إيمانا حقا ويتضمن ذلك إنكار النبوة وإنكار البعث افتتح D هذه السورة بما يتعلق بذلك وكان صلى الله تعالى عليه وسلم كثيرا ما يقرؤها في صلاة الفجر كما في حديث مسلم وغيره عن جابر بن سمرة وفي رواية ابن ماجة وغيره عن قبطة بن مالك أنه E كان يقرؤها في الركعة الأولى من صلاة الفجر وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه والترمذي والنسائي عن أبي واقد الليثي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقرأ في العيد بقاف