للدعوة إلى الإيمان وعلى أن إفادة لم تؤمنوا لمعنى كذبتم أظهر من إفادة لا تقولوا آمنا كما لا يخفى ثم قوبل بقوله سبحانه : ولكن قولوا أسلمنا كأنه قيل : قل لم تؤمنوا فلا تكذبوا ولكن قولوا أسلمنا لتفوزوا بالصدق إن فاتكم الإيمان والتصديق ولو قيل : ولكن أسلمتم لم يؤد هذا المعنى وفيه تلويح بأن إسلامهم هو خلو عن التصديق غير معتد به ولو قيل أسلمتم لكان ذلك موهما أن ذلك معتد به والمطلوب كماله بالإيمان ولا يحتاج هذا إلى أن يقال : القول في المنزل مستعمل في معنى الزعم وقيل : الآية احتباك والأصل لم تؤمنوا فلا تقولوا آمنا ولكن أسلمتم فقولوا أسلمنا فحذف من كل من الجملتين ما أثبت في الأخرى والأول أبلغ وألطف ولما يدخل الإيمان في قلوبكم حال من ضمير قولوا كأنه قيل : قولوا أسلمنا مادمتم على هذه الصفة وفيه إشارة إل توقع دخول الإيمان في قلوبهم بعد فليس هذا النفي مكررا مع قوله تعالى : لم تؤمنوا وقيل : الجملة مستأنفة ولا تكرار أيضا لأن لما تفيد النفي الماضي المستمر إلى زمن الحال بالأجماع وتفيد أن منفيها متوقع خلافا لأبي حيان و لم لا تفيد شيئا من ذلك بلا خلاف فلا حاجة في دفع التكرار إلى القول بالحالية وجعل الجملة توقيتا للقول المأمور به وإن تطيعوا الله ورسوله بالأخلاص وترك النفاق لا يلتكم من أعمالكم لا ينقصكم شيئا من أجورها أو شيئا من النقص يقال لاته يليته ليتا إذا نقصه ومنه ما حكى الأصمعي عن أم هشام السلولية الحمد لله الذي لا يفات ولا يلات ولا تصمه الأصوات وقرأ الحسن والأعرج وأبو عمرو لا يألتكم من ألت يألت بضم اللام وكسرها ألتا وهي لغة أسد وغطفان قال الحطيئة : أبلغ سراة بني سعد مغلغلة .
جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا والأولى لغة الحجاز والفعل عليها أجوف وعلى الثانية مهموز الفاء وحكى أبو عبيدة ألات يليت إن الله غفور لما فرط من المطيعين رحيم .
14 .
- بالتفضل عليهم إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا لم يشكوا من ارتاب مطاوع رابه إذا أوقعه في الشك مع التهمة وجعل عدم الأرتياب متراخيا عن الإيمان مع أنه لا ينفك عنه لأفادة نفي الشك فيما بعد عند اعتراء شبهة كأنه قيل : آمنوا ثم لم يعترهم ما يعتري الضعفاء بعد حين وهذا لا يدل على أنهم كانوا مرتابين أولا بل يدل على أنهم كما لم يرتابوا أولا لم يحدث لهم ارتياب ثانيا والحاصل آمنوا ثم لم يحدث لهم ريبة فالتراخي زماني وقال بعض الأجلة : عطف عدم الأرتياب على الإيمان من باب ملائكته وجبريل تنبيها على أنه الأصل في الإيمان فكأنه شيء آخر أعلى منه كائن فيه وأوثر ثم على الواو للدلالة على أنهذا الأصل حديثه وقديمه سواء في القوة والثبات فهو أبدا عل طراوته لا أنه شيء واحد مستمر فيكون كالشيء الخلق بل هو متجدد طري حينا بعد حين ولا بأس بأن يجعل ترشيحا لما دل عليه معنى العطف لما جعل مغايرا نبه عل أنه ليس تغاير ما بين الأستمرار والحدوث بل تغايرشيئين مختلفين ليدل على المعنى المذكور وأنهم في زيادة اليقين آنافآنا أما عند من يقول فيه بالقوة والضعف فظاهر وأما من لم يقل به فلانضمام العيان إلى البيان والفرق بين الأستمرارين أن الأستمرار على الأول استمرار المجموع نحو قوله تعالى : قالوا ربنا الله ثم استقاموا أي استمر بذلك إيمانهم مع الأرتياب وعلى الثاني الأستمرار معتبر في الجزء الأخير وهذا الوجه أوجه وأيا ما كان ففي الكلام تعريض بأولئك الأعراب