منهن عسى أن يكن أي المسخورات خيرا منهن أي من الساخرات وعلى هذا جاء قول زهير : وما أدري وسوف اخال أدري أقوم آل حصن أم نساء وهو إما مصدر كما في قول بعض العرب : إذا أكلت طعاما أحببت نوما وأبغضت قوما أي قياما نعت به فشاع في جماعة الرجال وأما اسم جمع لقائم كصوم لصائم وزور لزائر وأطلق عليه بعضهم الجمع مريدا به المعنى اللغوي وإلا ففعل ليس من ابنية الجموع لغلبته في المفردات ووجه الأختصاص بالرجال أن القيام بالأمور وظيفتهم كما قال تعالى : الرجال قوامون على النساء وقد يراد به الرجال والنساء تغليا كما قيل في قوم عاد وقوم فرعون أن المراد بهم الذكور والأناث وقيل : المراد بهم الذكور أيضا ودل عليهن بالألتزام العادي لعدم الأنفكاك عادة والنساء على ما قال الراغب وغيره وكذا النسوان والنسوة جمع المرأة من غير لفظها وجيء بما يدل على الجمع في الموضعين دون المفرد كأن يقال : لا يسخر رجل من رجل ولا امرأة من امرأة مع أنه الأصل الأشمل الأعم قيل جريا على الأغلب من وقوع السخرية في مجامع الناس فكم من متلذذ بها وكم من متألم منها فجعل ذلك بمنزلة تعدد الساخر والمسخور منه وقيل : لأنالنهي ورد على الحالة الواقعة بين الجماعة كقوله تعالى : لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة وعموم الحكم لعموم علته و عسى في نحو هذا التركيب من كل ما أسندت فيه إلى أن والفعل تامة لا تحتاج إلى خبر وأن وما بعدها في محل رفع على الفاعلية وقيل : إنها ناقصة وسد ما بعدها مسد الجزأين وله محلا باعتبارين أو محله الرفع والتحكم مندفع بأنه الأصل في منصوبها بناء على أنها من نواسخ المبتدأ والخبر .
وقرأ عبد الله وأبي عسوا أن يكونوا وعسين عن أن يكن فعسى عليها ذات خبر على المشهور من أقوال النحاة وفيه الخبار عن الذات بالمصدر أو يقدر مضاف مع الأسم أو الخبر وقيل : هو في مثل ذلك بمعنى قارب وأن وما معها مفعول أو قرب وهو منصوب على إسقاط الجار ولا تلمزوا أنفسكم لا يعيب بعضكم بعضا بقول أو إشارة لأن المؤمنين كنفس واحدة فمتى عاب المؤمن المؤمن فكأنه عاب نفسه نضير تلمزوا للجميع بتقدير مضاف و أنفسكم عبارة عن بعض آخر من جنس المخاطبين وهم المؤمنون جعل ما هو من جنسهم بمنزلة أنفسهم وأطلق الأنفس على الجنس استعارة كما في قوله تعالى : لقد جاءكم رسول من أنفسكم وقوله سبحانه : ولا تقتلوا أنفسكم وهذا غير النهي السابق وإن كان كل منهما مخصوصا بالمؤمنين بناء على أن السخرية احتقار الشخص مطلقا على وجه مضحك بحضرته واللمز التنبيه على معايبه سواء كان على مضحك أم لا سواء كان بحضرته أم لا كما قيل في تفسيره وجعل عطفه عليه من قبيل عطف العام على الخاص لإفادة الشمول كشارب الخمر فاسق مذموم ولا يتم إلا إذا كان التنبيه المذكور احتقارا ومنهم منيقول : السخرية الحتقار واللمز التنبيه على المعايب أو تتبعها والعطف من قبيل عطف العلة على المعلول وقيل : اللمز مخصوص بما كان من السخرية على وجه الخفية كالأشارة فهو من قبيل عطف الخاص على العام لجعل الخاص كجنس آخر مبالغة واختار الزمخشري أن المعنى وخصوا أنفسكم أيها المؤمنون بالأنتهاء عن عيبها والطعن فيها ولا عليكم أن تعيبوا غيركم ممن لا يدين بدينكم ولا يسير بسيرتكم ففي الحديث اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس وتعقب بأنه لا دليل على الأختصاص