وجوب الأصلاح فيما فوق ذلك بطريق الأولوية لتضاعف الفتنة والفساد فيه وقيل : المراد بالأخوين الأوس والخزرج اللتان نزلت فيهما الآية سمى كلا منهما أخا لاجتماعهم في الجد الأعلى وقرأ زيد بن ثابت وابن مسعود والحسن بخلاف عنه إخوانكم جمعا على وزن غلمان .
وقرأ ابن سيرين إخوتكم جمعا على وزن غلمة وروي عبد الوارث عن أبي عمرو القراآت الثلاث قال أبو الفتح : وقراءة الجمع تدل على أن قراءة الجمهور لفظها لفظ التثنية ومعناها الجماعة أي كل اثنين فصاعدا من المسلمين اقتتلا والإضافة لمعنى الجنس نحو لبيك وسعديك ويغلب الأخوان في الصداقة والأخوة في النسب وقد يستعمل كل منهما مكان الآخر واتقوا الله في كل ما تأتون وما تذرون من الأمور التي منجملتها ما أمرتم به من الأصلاح والظاهر أن هذا عطف على فأصلحوا وقال الطيبي : هو تذييل للكلام كأنه قيل : هذا الأصلاح من جملة التقوى فإذا فعلتم التقوى دخل فيه هذا التواصل ويجوز أن يكون عطفا على فأصلحوا أي واصلوا بين أخويكم بالصلح واحذروا الله تعالى من أن تتهاونوا فيه لعلكم ترحمون .
10 .
- أي لأجل أن ترجموا على تقواكم راجين أن ترحموا عليها يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم أي منكم من قوم آخرين منكم أيضا فالتنكير في الموضعين للتبعيض والسخر الهزؤ كما في القاموس وفي الزواجر النظر إلى المسخور منه بعين النقص وقال القرطبي : السخرية الأستحقار والأستهانة والتنبيه على العيوب والنقائص بوجه يضحك منه وقد تكون بالمحاكاة بالفعل والقول أو الأشارة أو الإيماء أو الضحك على كلام المسخور منه إذا تخبط فيه أو غلط أو على صنعته أو قبح صورته وقال بعض : هو ذكر الشخص بما يكره على وجه مضحك بحضرته واختير أنه احتقاره قولا أو فعلا بحضرته على الوجه المذكور وعليه ما قيل المعنى : لا يحتقر بعض المؤمنين بعضا والآية على ما روي عن مقاتل نزلت في قوم من بني تميم سخروا من بلال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وابن نهيرة وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله تعالى عنهم ولا يضر فيه اشتمالها عل نهي النساء عن السخرية كما لا يضراشتمالها عل نهي الرجال عنها فيما روي أن عائشة وحفصة رأتا أم سلمة ربطت حقويها بثوب أبيض وسدلت طرفه خلفها فقالت عائشة لحفصة تشير إلى ما تجر خلفها : كأنه لسان كلب فنزلت وما روي عن عائشة أنها كانت تسخر من زينب بنت خزيمة الهلالية وكانت قصيرة فنزلت وقيل : نزلت بسبب عكرمة بن أبي جهل كان يمشي بالمدينة فقال له قوم : هذا ابن فرعون هذه الأمة فعز ذلك عليه وشكاهم إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فنزلت وقيل غير ذلك وقوله D : عسى أن يكونوا خيرا منهم تعليل للنهي أو لموجبه أي عسى أن يكون المسخور منهم خيرا عند الله تعالى من الساخرين فرب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله تعالى لأبره وجوز أن يكون المعنى لا يحتقر بعض بعضا عسى أن يصير المحتقر اسم مفعول عزيزا ويصير المحتقر ذليلا فينتقم منه فهو نظير قوله : لا تهين الفقير علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه والقوم جماعة الرجال ولذلك قال سبحانه : ولآ نساء أي ولا يسخر نساء من المؤمنات من نساء