بلا زيادة دون الثاني وفي تعيينها أقوال : أحدها أنها الظهر لأنها تفعل في وسط النهار الثاني أنها العصر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل وهو المروى عن علي والحسن وإبن عباس وإبن مسعود وخلق كثير وعليه الشافعية والثالث أنها المغرب وعليه قبيصة بن ذؤيب لأنها وسط في الطول والقصر والرابع أنها صلاة العشاء لأنها بين صلاتي لا يقصران والخامس أنها الفجر لأنها بين صلاتي الليل والنهار ولأنها صلاة لا تجمع مع غيرها فهي منفردة بين مجتمعين وهو المروى عن معاذ وجابر وعطاء وعكرمة ومجاهد وأختاره الشافعي رضي الله تعالى عنه نفسه وقيل : المراد بها صلاة الوتر وقيل : الضحى وقيل : عيد الفطر وقيل : عيدالأضحى وقيل : صلاة الليل وقيل : صلاة الجمعة وقيل : الجماعة وقيل : صلاة الخوف وقيل وقيل .
والأكثرون صححوا أنها صلاة العصر لما أخرج مسلم من حديث علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله تعالى بيوتهم نارا وخصت بالذكر لأنها تقع في وقت إشتغال الناس لا سيما العرب قال بعض المحققين : والذي يقتضيه الدليل من بين هذه الأقوال أنها الظهر ونسب ذلك إلى الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وبيان ذلك أن سائر الأقوال ليس لها مستند يقف له العجلان سوى القول بأنها صلاة العصر والأحاديث الواردة بأنها هي قسمان : مرفوعة وموقوفة والموقوفة لا يحتج بها لأنها أقوال صحابة عارضها صحابة آخرين أنها غيرها وقول الصحابي لا يحتج به إذا عارضه قول صحابي آخر قطعا وإنما جرى الخلاف في الإحتجاج به عند عدم المعارضة وأما المرفوعة فغالبها لا يخلو إسناده عن مقال والسالم من المقال قسمان : مختصر بلفظ الصلاة الوسطى صلاة العصر ومطول فيه قصة وقع في ضمنها هذه الجملة والمختصر مأخوذ من المطول أختصره بعض الرواة فوهم في إختصاره على ما ستسمع والأحاديث المطولة كلها لا تخلو من إحتمال فلا يصح الإستدلال بها فقوله من حديث مسلم شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر فيه إحتمالان أحدهما أن يكون لفظ صلاة العصر ليس مرفوعا بل مدرج في الحديث أدرجه بعض الرواة تفسيرا منه كما وقع ذلك كثيرا في أحاديث ويؤيده ما أخرجه مسلم من وجه آخر عن علي كرم الله تعالى وجهه بلفظ حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس يعني العصر الثاني على تقدير أنه ليس بمدرج يحتمل أن يكون عطف نسق على حذف العاطف لا بيانا ولا بدلا والتقدير شغلونا عن الصلاة الوسطى وصلاة العصر ويؤيد ذلك أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يشغل يوم الأحزاب عن صلاة العصر فقط بل شغل عن الظهر والعصر معا كما ورد من طريق أخرى فكأنه أراد بالصلاة الوسطى الظهر وعطف عليها العصر ومع هذين الإحتمالين لا يتأتى الإستدلال بالحديث والإحتمال الأول أقوى للرواية المشار إليها ويؤيده من خارج أنه لو ثبت عن النبي تفسيرا أنها العصر لوقف الصحابة عنده ولم يختلفوا وقد أخرج إبن جرير عن سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب رسول الله مختلفين في الصلاة الوسطى هكدا وشبك بين أصابعه ثم على تقدير عدم الإحتمالين فالحديث معارض بالحديث المرفوع أنها الظهر وإذا تعارض الحديثان ولم يمكن الجمع طلب الترجيح وقد ذكر الأصوليون أن من المرجحات أن يذكر السبب والحديث الوارد في أنها الظهر مبيبن فيه سب النزول ومساق لذكرها بطريق القصد بخلاف حديث شغلونا إلخ فوجب الرجوع إليه وهو ما أخرجه أحمد وأبو داؤد بسند جيد عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ولم تكن صلاة أشد على الصحابة منها فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وأخرج أحمد من وجه آخر عن زيد أيضا أن رسول الله