إلى قوله تعالى : وعد الصدق الذي كانوا يوعدون .
وإحسانا قيل : مفعول ثان لوصينا على تضمينه معنى ألزمنا وقيل : منصوب على المصدر على تضمين وصينا معنىأحسنا أي أحسنا بالوصية للإنسان بوالديه إحسانا وقيل : صفة لمصدر محذوف بتقدير مضاف أي إيصاء ذا إحسان وقيل : مفعول لهأي وصيناه بهما لأحساننا إليهما وقال ابن عطية : إنه منصوب على المصدر الصريح و بوالديه متعلق بوصينا أو به وكأنه عني يحسن إحسانا وهو حسن لكن تعقب أبو حيان تجويزه تعلق الجارب إحسانا بأنه لا يصلح لأنه مصدر مقدر بحرف مصدري والفعل فلا يتقدم معموله عليه ولأن أحسن لا يتعدى بالباء وإنما يتعدى باللام تقول : أحسنت لزيد ولا تقول : أحسنت بزيد على معنى أن الإحسان يصل إليه وفيه أنا لا نسلم أن المقدر بشيء يشارك ما قدر به في جميع الأحكام لجواز أن يكون أحكامه مختصا بصريح لفظه مع أن الظرف يكفيه رائحة الفعل ولذا يعمل الأسم الجامد فيه باعتبار المعنى المصدري وقد قالوا : إنه يتصرف فيه ما لا يتصرف في غيره لاحتياج معظم الأشياءإليه .
والجار والمجرور محمول عليه وقد كثر ما ظاهره التعلق بالمصدر المتأخر نكرة كلا تأخذكم بهما رأفة ومعرفة نحو فلما بلغ معه السعي وتأويل كل ذلك تكلف وأيضا قوله : لأن أحسن لا يتعدى بالباء الخ فيه منع ظاهر وقدر بعضهم الفعل قبل الجار فقال : وصينا الإنسان بأن يحسن بوالديه إحسانا ولعل التنوين للتفخيم أي إحسانا عظيما والإيصاء والصوية التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من قولهم : أرض واصية متصلة النبات ففي الآية إشعار بأن الإحسان بهما أمر معتنى به وقد عد في الحديث ثاني أفضل الأعمال وهو الصلاة لأن وقتها لأول وقتها وعد عقولهما ثاني أكبر الكبائر وهو الإشراك بالله D والأحاديث في الترغيب في الأول والترهيب عن الثاني كثيرة جدا وفي الآيات ما فيه كفاية لمن ألقىالسمع وهو شهيد .
وقرأالجمهور حسنا بضم الحاءوإسكان السيم أي فعلا ذا حسن أو كأنه في ذاته نفس الحسن لفرط حسنه وجوز أبو حيان فيه أن يكون بمعنى إحسانا فالأقوال السابقة تجري فيه وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه والسلمي وعيسى حسنا بفتح السين وعن عيسى حسنا بضمهما .
حملته أمه كرها ووضعته كرها أي ذات كره أو حملا ذا كره وهو المشقة كما قال مجاهد والحسن وقتادة وليس الكره في أول علوقها بل بعد ذلك حين تجد له ثقلا وقرأ شيبة وأبو جعفر والحرميان كرها بفتح الكاف وهما لغتان بمعنى واحد كالفقر والفقر والضعف والضعف وقيل : المضموم اسم والمفتوح مصدر .
وقال الراغب : قيل الكره أي بالفتح المشقة التي تنال الإنسان من خارج مما يحمل عليه بإكراه والكره ما يناله من ذاته وهو ما يعافه من حيث الطبع أو من حيث العقل أو الشرع وطعن أبو حاتم في هذه القراءة فقال : لا تحسنهذه القراءة لأن الكره بالفتح الغضب والغلبة وأنت تعلم أنها في السبعة المتواترة فلا معنى للطعن فيها وقد كان هذا الرجل يطعن في بعض القراآت بما لا علم له به جسارة منه عفا الله تعالى عنه وحمله وفصاله أي مدة حمله وفصاله وبتقدير هذا المضاف يصح حمل قوله تعالى : ثلاثون شهرا على المبتدأ من غير كره .
والفصال الفطام وهو مصدر فاصل فكأن الولد فاصل أمه وأمه فاصلته وقرأ أبو رجاء والحسن وقتادة