يقترحون عليه E آيات عجسيبة ويسألونه عن المغيبات عنادا ومكابرة فأمر الله تعالى عليه وسلم أن يقول لهم ذلك ونظير بدع الخف بمعنى الخفيف والخل بمعنى الخليل فهو صفة مشبهة أو مصدر مؤول بها وجوز إبقاؤه على أصله وقرأ عكرمة وأبو حيوة وابن أبي عبلة بدعا بفتح الدال وخرج على أنه جمع بدعة كسدرة وسدر والكلام بتقدير مضاف أي ذا بدع أو مصدر والإخبار به مبالغة أو بتقدير المضاف أيضا .
وقال الزمخشري : يجوز أن يكون صفة على فعل كقولهم دين قيم ولحم زيم أي متفرق قال في البحر : ولم يثبت سيبويه صفة على هذا الوزن إلا عدي حيث قال : ولا نعلمه جاء صفة إلا في حرف معتل يوصف به الجمع وهو قوم عدي واستدرك عليه زيم وهو استدراك صحيح أما قيم فمقصور من قيام ولولا ذلك لصحت عينه كما صحت في حول وعوض وأما قول العرب : مكان سوى وماء روى ورجل رضا وماء صرى فمتأولة عند التصريفيين إما بالمصدر أو بالقصر وعن مجاهد وأبي حيوة بدعا بفتح الباء وكسر الدال وهو صفة كحذر .
وما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدارين على التفصيل كما قيل .
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه قال في الآية : أما في الآخرة فمعاذ الله تعالى قد علم صلى الله عليه وسلّم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل ولكن ما أدري ما يفعل بي في الدنيا أأخرج كما أخرجا الأنبياء عليهم السلام من قبلي أم أقتل كما قتلت الأنبياء عليهم السلام من قبلي ولا بكم أأمتي المكذبة أم أمتي المصدقة أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا أم المخسوف بها خسفا ثم أوحي إليه وإذ قلنا لك أن ربك أحاط بالناس يقول سبحانه : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك فعرف E أنه لا يقتل ثم أنزل الله تعالى هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا يقول : أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ثم قال سبحانه له E في أمته : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون فأخبره الله تعالى بما صنع به وما يصنع بأمته وعن الكلبي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال له أصحابه وقد ضجروا من أذى المشركين : حتى متى نكون على هذا فقال : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم أأترك بمكة أم أومر بالخروج إلى أرض قد رفهت لي ورأيتها يعني في منامه ذات نخل وشجر وحكى في البحر عن مالك ابن أنس وقتادة وعكرمة والحسن أيضا وابن عباس أن المعنى ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة وخرج أبو داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه قال في الآية : نسختها الآية التي في الفتح يعني ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فخرج صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الناس فبشرهم بأنه غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال رجل من المؤمنين : هنيئا لك يا نبي الله قد علمنا الآن ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله تعالى في سورة الأحزاب وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا وقال سبحانه : ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم فبين الله تعالى ما يفعل به وبهم واستشكل على تقدير صحته بأن النسخ لا يجري في الخبر فلعل المنسوخ الأمر بقوله تعالى : قل إن قلنا : إنه هناك للتكرار أو المراد بالنسخ مطلق التغيير .
وقال أبو حيان : هذا القول ليس بظاهر بل قد أعلم الله تعالى نبيه E من أول الرسالة بحاله وحال المؤمن وحال الكافر في الآخرة وقال الإمام : أكثر المحققين استبعدوا هذا القول واحتجوا بأن النبي لا بد أن يعلم من نفسه كونه نبيا ومتى علم ذلك علم أنه لا يصدر عنه الكبائر وأنه مغفور وإذا كان كذلك امتنع كونه