إلى أخرى وفي خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان ازدادوا إيمانا وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدد في كل وقت كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وحياة الأرض بعد موتها وتصريفا لرياح جنوبا ودبورا وشدة وضعفا وحرارة وبرودة عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم كذا في الكشاف ومنه يعلم نكتة اختلاف الفواصل .
وفي الكشف أنه ذكر ما حاصله أنه على سبيل الترقي وهو يوافق ما عليه الصوفية وغيرهم من أن الأيقان مرتبة خاصة في الأيمان ثم العقل لما كان مدارهما أي الأيمان و الأيقان ونعني به العقل المؤيد بنور البصيرة جعله لخلوص الأيقان من اعتراء الشكوك من كل وجه ففي استحكامه كل خير وروعي في ترتيب الآيات ما روعي في ترتيب المراتب الثلاث من تقديم ما هو أقدم وجودا ولا يلزم أن تكون الآية الثانية أعظم من الأولى ولا الثالثة من الثانية لما ذكره من أن الجامع بين النظرين موقن وبين الثلاثة عاقل على أنها كذلك فيتحصيل هذا الغرض فإن كانت أعظم منوجه آخر فلا بأس فإن النظر إلى حال نفسه وما هومننوعه ثم جنسه منسائر الأناسي والحيوان للقرب والتكرر وكثرة العدد أدخل في انتفاء الشك وحصول اليقين وإنكان النظر في السماء أتم دلالة على كمال القدرة والعلم فذلك لا يضر ولا هوالمطلوب ههنا ثم النظر إلى الأختلاف المذكور أدل على استحكام ذلك اليقين من حيث أنه يتجدد حينا فحينا ويبعث على النظر والأعتبار كلما تجدد هذا والتحقيق أن تمام النظر في الثاني يضطر إلىالنظر في الأول لأن السماوات والأرض من أسباب تكون الحيوان بوجه وكذلك النظر في الثالث يضطر النظر في الأولين أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلأنه العلة الغائية فلا بد من أن يكو جامعا انتهى وهو كلام نفيس جدا .
وقال الإمام في ترتيب هذه الفواصل : أظن أن سببه أنه قيل إن كنتم مؤمنين فافهموا هذه الدلائل وإن كنتم لستم من المؤمنين بل كنتم من طلاب الجزم واليقين فافهموا هذه الدلائل وإن كنتم لستم من المؤمنين ولا من الموقنين فلا أقلمن أن تكونوا منزمرة العاقلين فاجتهدوا في معرفة هذه الدلائل ولا يخفى أنه فاته ذلك التحقيق ولم يختر الترقي وهو بالأختيار حقيقي والمغايرة بين ما هنا وما فيسورة البقرة أعني إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس الآية للتفنن والكلام المعجز مملوء منه وذكر الإمام في ذلك ما لا يهش له السامع فتأمل تلك آيات الله مبتدأ وخبر وقوله تعالى : نتلوها عليك حال عاملها معنى الإشارة نحو هذا بعلي شيخا على المشهور وقيل : هوالخبر و آيات الله بدل أو عطف بيان وقوله سبحانه : بالحق حال من فاعل نتلوها أو من مفعوله أي نتلوها محقين أوملتبسة بالحق فالباء للملابسة ويجوز أن تكون للسببية الغائية والمراد بالآيات المشار إليها إما آيات القرآن أوالسورة أو ما ذكر قبل من السماوات والأرض وغيرهما فتلاوتها بتلاوة ما يدل عليها وفسرت بالسرد أي نسردها عليك .
وقال ابن عطية : الكلام بتقدير مضاف أين تلوا شأنها وشأن العبرة بها وقريء يتلوها بالياء على أن الفاعل ضميره تعالى والمراد على القراءتين تلاوتها عليه ص - بواسطة الملك عليه السلام فبأي حدي بعد الله وآياته يؤمنون .
6 .
- هو من باب قولهم : أعجبني زيد وكرمه يريد وأعجبني كرم زيد إلا أنهم عدلوا عنه للمبالغة في الأعجاب أي فبأي حديث بعد هذه الآيات المتلوة بالحق يؤمنون وفيه