يكون ثلاثا متعلقا بقاللا صفة لمصدر محذوف أي طلاقا ثلاثا ولا تمييز للإبهام الذي في الجملة قبله وبفم واحدة معناه متتابعا وحينئذ يوافق الخبر بظاهره أهل القول الأخير ويجاب عنه بأن هذا في الطلاق قبل الدخول فإنه كذلك لا يقع إلا واحدة كما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه لأن البينونة وقعت بالتطليقة الأولى فصادفتها الثانية وهي مبانة ويدل على ذلك ما أخرجه أبو داؤد والبيهقي عن طاوس أن رجلا يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لإبن عباس قال : أما علمت أن الرجل كان إذا طلق أمرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر قال إبن عباس : بلى كان الرجل إذا طلق أمرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال : أجيزوهن عليهم وهذه مسألة إجتهادية كانت على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يرو في الصحيح أنها رفعت إليه فقال فيها شيئا ولعلها كانت تقع في المواضع النائية في آخر أمره فيجتهد فيها من أوتي علما فيجعلها واحدة وليس في كلام إبن عباس رضي الله تعالى عنهما تصريح بأن الجاعل رسول الله بل في قوله جعلوها واحدة إشارة إلى ما قلنا وعمر رضي الله تعالى عنه بعد مضي أيام من خلافته ظهر له بالإجتهاد أن الأولى القول بوقوع الثلاث لكنه خلاف مذهبنا وهو مذهب كثير من الصحابة حتى إبن عباس رضي الله تعالى عنهما فقد أخرج مالك والشافعي وأبو داؤد والبيهقي عن معاوية بن أبي عياش أنه كان جالسا مع عبدالله بن الزبير وعاصم بن عمر فجاءهما محمد بن أبي إياس إبن البكير فقال إن رجلا من أهل البادية طلق أمرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فماذا تريان فقال إبن الزبير : إن هذا الأمر ما لنا فيه قول أذهب إلى إبن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة فأسألهما فذهب فسألهما فقال إبن عباس لأبي هريرة : أفته ياأبا هريرة فقد جاءتك معضلة فقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه : الواحدة تبينها والثلاثة تحرمها حتى تنكح زوجا غيره وقال إبن عباس مثل ذلك وإن حملت الثلاث في هذا الخبر على ما كان بلفظ واحد لئلا يخالف مذهب الإمام فإن عنده إذا طلق الرجل أمرأته الغير المدخول بها ثلاثا بلفظ واحد وقعن عليها لأن الواقع مصدر محذوف لأن معناه طلاقا بائنا فلم يكن أنت طالق إيقاعا على حدة فيقعن جملة كان هذا الخبر معارضا لما رواه مسلم مؤيدا للنسخ كالخبر الذي أخرجه الطبراني والبيهقي عن سويد بن غفلة قال : كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما فقال لها : قتل علي كرم الله وجهه قالت : لتهنك الخلافة قال : يقتل علي وتظهرين الشماتة أذهبي فأنت طالق ثلاثا قال : فتلفعت بثيابها وقعدت حتى قضت عدتها فبعث إليها ببقية بقيت لها من صداقها وعشرة آلاف صدقة فلما جاءها الرسول قالت : متاع قليل من حبيب مفارق فلما بلغه قولها بكى ثم قال : لولا أني سمعت جديأو حدثنيأبي أنه سمع جدي يقول أيما رجل طلق أمرأته ثلاثا عند الإقراء أو ثلاثا مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره لراجعتها وما أخرجه إبن ماجه عن الشعبي قال : قلت لفاطمة بنت قيس حدثيني عن طلاقك قالت : طلقني زوجي ثلاثا وهو خارج إلى اليمن فأجاز ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأما حديث ركانة فقد روى على أنحاء والذي صح ما أخرجه الشافعي وأبو داؤد والترمذي وإبن ماجه والحاكم والبيهقي أن ركانة طلق أمرأته البتة فأخبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك وقال : والله ما أردت