وقرأ الأعمش في رواية أبي الأزهر بهمزة واحدة على مثال الخبر والظاهر أنه على حذف الأستفهام وقوله تعالى : ما ضربو هلك إلا جدلا بل هم قوم خصمون .
58 .
- إبطال لبطالهم إجمالا لا اكتفاء بما فصل في قوله تعالى : إن الذين سبقت وتنبيها على أنه لا يذهب على ذي مسكة بطلانه فكيف على غيره ولكن العناد يعمي ويصم أي ما ضربوا لك إلا لأجل الجدال والخصام لا لطلب الحق فإنه في غاية البطلان بل هم قوم لد شداد الخصومة مجبولون على المحك أي سؤال الخلق واللجاج فجدلا منتصب على أنه مفعول لأجله وقيل هو مصدر في موضع الحال أي مجادلين وقرأ ابن مقسم جدالا بكسر الجيم وألف بعد الدال وقوله تعالى : إن هو أي ما عيسى ابن مريم إلا عبد أنعمنا عليه بالنبوة وروادفها فهو مرفوع المنزلة على القدر لكن ليس له من استحقاق المعبودية من نصيب كلام حكيم مشتمل على ما شتمل عليه قوله تعالى : إن الذين سبقت ولكن على سبيل الرمز وعلى فساد رأي النصارى في إيثارهم عبادته عليه السلام تعريضا بمكان عبادة قريش غيره سبحانه وتعالى وقوله تعالى : وجعلناه مثلا أي أمرا عجيبا حقيقيا بأن يسير ذكره كالأمثال السائرة لبني إسرائيل .
59 .
- حيث خلقناه من غير أب وجعلنا له من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ونحو ذلك مالم نجعل لغيره في زمانه كلام أجعل فيه وجه الأفتتان به وعليه ووجه دلالته على قدرة خالقه تعالى شأنه وبعد استحقاقه عليه السلام عما قرف به إفراطا وتفريطا وقوله سبحانه : ولو نشاء لجعلنا الخ تذييل لوجه دلالته على القدرةوأن الأفتتان من عدمالتأمل وتضمين للأنكار على من اتخذ الملائكة آلهة كما اتخذ عيسى عليهم السلام أي ولو نشاء لقدرتنا على عجائب الأمور وبدائع الفطر لجعلنا بطريق التوليد ومآله لولدنا منكم يا رجال ملائكة كما ولدنا عيسى من غير أب في الأرض يخلفون .
60 .
- أي يخلفونكم في الأرض كما يخلفكم أولادكم أو يكونون خلفا ونسلا لكم ليعرف تميزنا بالقدرة الباهرة وليعلم أن الملائكة ذوات ممكنة تخلق توليدا كما تخلق إبداعا فمن أين لهم استحقاق الألوهية والأنتساب إليه سبحانه وتعالى بالنبوة وجوز أن يكون معنى لجعلنا الخ لحولنا بعضكم ملائكة فمن ابتدائية أو تبعيضية و ملائكة مفعول ثان أوحال وقيل : من للبد لكما في قوله تعالى : أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وقوله : .
ولم تذق من البقول الفستقا .
أي ولو نشاء لجعلنا بدلكم ملائكة يكونون مكانكم بعد إذهابكم وإليه يشير كلام قتادة ومجاهد والمراد بيان كمال قدرته تعتالى لا التوعد بالأستئصال وإنتضمنه فإنه غير ملائم للمقام وقيل : لا مانع من قصدهما نعم كثير من النحويين لا يثبتون لمن معنى البدلية ويتأولون ما ورد مما يوهم ذلك ما قرر أولا .
وذكر العلامة الطيبي عليه الرحمة أن قوله تعالى : إن هو إلا عبد الخ جواب عن جدل الكفرة في قوله سبحانه : إنكم وما تعبدون الخ وإن تقريره إن جدلكم هذا باطل لأنه عليه السلام ما دخل في ذلك النص الصريح لأن الكلام معكم أيها المشركون وأنتم المخاطبون به وإنما المراد بما تعبدون الأصنام التي تنحتونها بأيديكم وأما عيسى عليه السلام فما هو إلا عبد مكرم منعم عليه بالنبوة مرفوع المنزلة والذكر مشهور في بني إسرائيل كالمثل السائر فمن أين تدخل في قولنا : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ثم لا اعتراض علينا أن نجعل قوما أهلا للنار وآخرين أهلا للجنة إذ لو نشاء لجعلنا منكم ومن أنفسكم أيها الكفرة ملائكة أي عبيدا مكرمون مهتدون وإلى الجنة صائرون كقوله تعالى : ولو شئنا لآتينا كل