فقال فرعون هلا ألقى رب موسى عليه أساور من ذهب إن كان صادقا وهذا من اللعين لزعمه أن الرياسة من لوازم الرسالة كما قال كفار قريش في عظيم القريتين والأسورة جمع سوار نحو خمار وأخمرة وقرأ الأعمش أساور ورويت عن أبي وعن أبي عمر وجمع أسور فهو جمع الجمع وقرأ الجمهور أساورة جمع أساور بمعنى السوار والهاء عوض من ياء أساوير فإنها تكون في الجمع المحذوف مدته للعوض عنها كما في زنادقة جمع زنديق .
وقد قرا أساوير عبد الله وأبي في الرواية المشهورة وقرأ الضحاك ألقى مبنيا للفاعل أي الله تعالى أساورة بالنصب أو جاء معه الملائكة مقترنين .
53 .
- من قونته به فاقترن وفسر بمقرونين أي به لأنه لازم معناه بناء على هذا وفسر أيضا بمتقارنين من اقترن بمعنى تقارن والأقتران مجاز أو كناية عن الأعانة .
ولذا قال ابن عباس : يعينونه على من خالفه وقيل : عن التصديق ولو لا ذلك لم يكن لذكره بعد قوله معه فائدة وهو على الأول حسي وعلى الثاني معنوي وقيل : متقارنين بمعنى مجتمعين كثيرين وعن قتادة متتابعين .
فاستخف قومه فطلب منهم الخفة في مطاوعته على أن السين للطلب على حقيقتها ومعنى الخفة السرعة لأجابته ومتابعته كما يقالهم خفوف إذا دعوا وهو مجاز مشهور وقال ابن الأعرابي استخف أحلامهم أيوجدهم خفيفة أحلامهم أي قليلة عقولهم فصيغة الأستفعال للوجدان كالأفعال كما يقال أحمدته وجدته محوداوفي نسبته ذلك للقوم تجوز فاطاعوه فيما أمرهم به إنهم كانوا قوما فاسقسن .
54 .
- فلذلك سارعوا إلى طاعة ذلك الفاسق الغوي فلما أسفؤنا أي أسخطونا كما قال علي كرم الله تعالى وجهه وفي معناه ما قيل أي أغضبونا أشد الغضب أي بأعمالهم والغضب عند الخلف مجاز عن إرادة العقوبة فيكون صفة ذات أو عن العقوبة فيكون صفة فعل .
وقال أبو عبد الله الرضا رضي الله تعالى عنه : إن الله سبحانه لا يأسف كأسفنا ولكن له جل شأنه أولياء يأسفون ويرضون فجعل سبحانه رضاهم رضاه وغضبهم غضبه تعالى وعلى ذلك قال D : من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وقال سبحانه : من يطع الرسول فقد أطاع الله وعليه قيل : المعنى فلما أسفوا موسى عليه السلام ومن معه والسلف لا يؤولون يقولون : الغضب فينا انفعال نفساني وصفاته سبحانه ليست كصفاتنا بوجه من الوجوه وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير الأسف بالحزن وأنه قال هنا : أي احزنوا أولياءنا المؤمنين نحو السحرة وبني إسرائيل .
وذكر الراغب أن الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل منهما على الأنفراد وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الأنتقام فمتى كان ذلك من دونه انتشر فصار غضبا ومتى كان على من فوقع انقبض فصار حزنا ولذلك سئل ابن عباس عنهما فقال : مخرجهما واحد واللفظ مختلف فمن نازع من يوقي عليه أظهره غيضا وغضبا ومنازع من لا يقوي عليه أظهره حزنا وجزعا وبهذا النظر قال الشاعر : .
فحزن كل أخي حزن أخو الغضب .
انتهى وعلى جميع الأقوال آسف منقول بالهمزة من آسف .
انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين .
55 .
- في الميم فجعلناهم سلفا قال ابن عباس وزيد بن أسلم وقتادة أي متقدمين إلى النار .
وقال غير واحد : قدوة للكفار الذين بعدهم يعتقدون بهم في استيجاب مثل عقابهم ونزوله بهم والكلام