بمبين وإضافة غير لا تمنع عمل ما بعدها فيه لأنه بمعنى النفي فلا حاجة لجعله متعلقا بمقدر وجوز كون من مبتدأ محذوف الخبر أي أو من حاله كيت وكيت ولده D وجعل بعضهم خبره جعلوه ولدا لله سبحانه وتعالى أو اتخذ هجل وعلا ولدا وعن ابن زيد أن المراد بمن ينشأ في الحلية الأصنام قال : وكانوا يتخذون كثيرا منها من الذهب والفضة ويجعلون الحلي على كثير منها وتعقب بأنه يبعد هذا القول قوله تعالى : وهو في الخصام غير مبين إلا إن أريد بنفي الأبانة نفي الخصام أي لا يكون منها خصام فإبانة كقوله .
على لا حب لا يهتدي بمناره .
وعندي أن هذا القول بعيد في نفسه وأن الكلام أعني قوله سبحانه : أم اتخذ إلى هنا وارد لمزيد الأنكار في أنهم قوم من عادتهم المناقضة ورمى القول من غير علم وفي المجيء بأم المنقطعة وما في ضمنها من الأضراب دليل على أن معتمد الكلام إثبات جهلهم ومناقضتهم لا إثبات كفرهم لكنه يفهم منه كما سمعت وتسمع إن شاء الله تعالى وقرأ الجحدري في رواية ينشأ مبنيا للمفعول مخففا وقرأ الحسن في رواية أيضا يناشأ على وزن يفاعل مبنيا للمفعول والمناشاة بمعنى الأنشاء كالمغالاة بمعنى الأغلاء وقرأ الجمهور ينشأ مبنيا والآية ظاهرة في أن النشور في الزينة والنعومة من المعايب والمذام وأنه من صفات ربات الحجال فعلى الرجل أن يجتنب ذلك ويأنف منه ويربا بنفسه عنه ويعيش كما قال عمر رضي الله تعالى عنه اخشوشنوا في اللباس واخشوشنوا في الطعام وتمعددوا وإن أراد أن يزين نفسه من باطن بلباس التقوى وقوله تعالى : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أ سموا وقالوا : إنهم أناث قال الزجاج : الجعل في مثله بمعنى القول والحكم على الشيء تقول : زيدا أعلم الناس أي وصفته بذلك وحكمت به واختار أبو حيان أن المعنى صير وهم في اعتقادهم إناثا اعتراض وارد لإثبات مناقضتهم أيضا وادعاء مالا علم لهم به المؤيد لجعله معتمد الكلام على ما سبق آنفا فإنهم أنثوهم في هذا المعتقد من غير استناد إلى علم فأرشد إلى أنما هم عليه من إثبات الولد مثل ما هم عليه من تأنيث الملائكة عليهم السلام في أنهما سخف وجهل كانا كافرين أولا نعمهما في نفس الأمر كفران أما الأول فظاهر وأما الثاني فللأستخفاف برسله سبحانه أعني الملائكة وجعلهم أنقص العباد رأيا وأخسهم صنفا وهم العباد المكرمون المبرأون من الذكورة والأنوثة فإنهما من عوارض الحيوان المتغذي المحتاج إلى بقاء نوعه لعدم جريان الحمة الله تعالى ببقاء شخصه وليس ذلك عطفا على قوله سبحانه : وجعلوا له من عباده جزأ لما علمت من أن الجملة في موضع الحال من فاعل ليقولن ولايحسن بحسب الظاهر أن يقال : ليقولن خلقهن العزيز العليم وقد جعلوا الملائكة إناثا وقريء جمع عبد وكذا عباد وقيل : عباد جمع عابد كصائم وصيام وقائم وقيام وقرأ عمر بن الخطاب والحسن وأبو رجاء وقتادة وأبو جعفر وشيبة والأعرج والأبنان ونافع عند الرحمن ظرفا وهو أدل على رفع المنزلة وقرب المكانة والكلام على الأستعارة في المشهور لاستحالة العنديةالمكانية في حقه سبحانه وقرأ أبي عبد الرحمن بالباء مفرد عباد والمعنى على الجمع بإرادةالجنس .
وقرأالأعمش عباد بالجمع والنصب حكاها ابن خالويه وقال : هي في مصحف ابن مسعود كذلك وخرج أبو حيان المصب على إضمار فعل أي الذين هم خلقوا عباد الرحمن وقرأ زيد بن علي أنثا بضمتين ككتب جمع إناثا فهو جمع الجمع وعلى جميع القراءات الحصر إذا سلم أضافي فلا يتم الأستدلال به على أفضلية الملك على البشر .
اشهدوا خلقهم أي أحضروا خلق الله تعالى إياهم فشاهدوهم إناثا حتى يحكموا بأنوثتهم فإن ذلكم ما يعلم