إذ ليس بنفسه بل وجود المثل ووجود مثل المثل في مرتبة واحدة في العلم والجهل لا يجوز جعل أحدهما دليلا على الآخر لكن قيل : إن المفهوم من ليس مثله شيء على ذلك التقدير نفي أن يكون مثل لمثله سواه تعالى بقرينة الأضافة كما أن المفهوم من قول المتكلم : إن دخل داري أحد فكذا غير المتكلم وأيضا لا نسلم أنه لو وجد له سبحانه مثل لكان هو جل وعلا مثل مثله لأن وجود مثله سبحانه محال والمحال جاز أن يستلزم المحال .
وأجيب على الأول أن اسم ليس شيء وهو نكرة في سياق النفي فتعم الآية نفي شيء يكون مثلا لمثله ولا شك أنه على تقدير وجود المثل يصدق عليه أنه شيء مثل لمثله والأضافة لا تقتضي خروجه عن عموم شيء بخلاف المثال المذكور فإن القرينة العقلية دلت على تخصيص أحد بغير المتكلم لأن مقصودةالمنع عن دخول الغير وعن الثاني أن وجود المثل لشيء مطلقا يس المثل مع النظر عن خصوصية ذلك الشيء وذلك بين فالمنع بتجويز أن يكون لذاته تعالى مثل ولا يكون هو سبحانه مثلا لمثل مكابرة ثم إن هذا الوجه لكثرة ما فيه من القيل والقال بالنسبة إلى غيره من الأوجه السابقة لم نذكره عند ذكرها وهو على علاته أحسن من القول بالزيادة كما لا يخفى على من وفقه الله D وهو السميع المدرك إدراكا تاما لا على طريق التخيل والتوهم لجميع المسموعات ولا على طريق تأثر حاسة ولا وصول هواء البصير .
11 .
- المدرك إدراكاتامالجميع المبصراتأو الموجودات لا على سبيلالتخيل والتوهم ولا على طريق تأثر حاسة ولا وصول شعاع فالسمع والبصر صفتان غير العلم على ما هو الظاهر وأرجعهما بعضهم إلى صفةالعلم وتمام الكلام على ذلك في الكلام وقدم سبحانه نفي المثل على إثبات السمع والبصر لأنه أهم في نفسه وبالنظر إلى المقام .
له مقاليد السماوات والأرض تقدم تفسيره في سورة الزمر وكذا قوله تعالى : يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وقريء يقدر بالتشديد إنه بكل شيء عليم .
12 .
- مبالغ في الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل جل شأنه على ما ينبغي أن يفعل عليه والجملة تعليل لما قبلها وتمهيدا لما بعدها من قوله تعالى : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى وإيذان بأنما شرع سبحانه لهم صادر عن كمال العلم والحكمة كما أن بيان نسبته إلى المذكورين عليهم الصلاة والسلام تنبيه على كونه دينا قديما أجمع عليه الرسل والخطاب لأمته E أيشرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ومن بعده من أرباب الشرائع وأولي العزم من مشاهير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأمرهم به أمرا مؤكدا وتخصيص المذكورين بالذكر لما أشير إليه من علو شأنهم وعظم شهرتهم ولاستمالة قلوب الكفرة إلى الأتباع لاتفاق كل على نبوة بع واختصاص اليهود بموسى عليه السلام والنصارى بعيسى عليه السلام وإلا فما من نبي إلا وهو مأمور بما أمروا به من إقامة دين الأسلام وهو التوحيد وما لا يختلف باختلاف الأمم وتبدل الأعصار من أصول الشرائع والأحكام كما ينبيء عنه التوصية فإنها معربة عن تأكيد الأمروالأعتناء بشأن المأمور به والمراد يأيحائه إليه صلى الله تعالى عليه وسلم إما ما ذكر في صدرالسورة الكريمة وفي قوله تعالى : وكذلك أوحينا إليك الآية وإما ما يعمهما وغيرهما مما وقع في سائر المواقع التي من جملتها قوله تعالى : ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وقوله سبحانه : قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد وغير ذلك وإيثار الأيحاء على ما قبله وما بعده من التوصية لمراعاة ما وقع في الآيات المذكورة ولما في الأيحاء من