فيأظهر فيه منمنلأن الإتيان بمعنى الجماع يتعدى بها غالبا لا بمن ولعله في حيز المنع عند أهل القول الأول إن الله يحب التوابين مما عسى يندر منهم من إرتكاب بعض الذنوب كالإتيان في الحيض المورث للجذام في الولد كما ورد في الخبر والمستدعي عقاب الله تعالى فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي قال : من أتى حائضا فقد كفر كفر بما أنزل على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وهو جار مجرى الترهيب فلا يعارض ما أخرجه الطبراني عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : يارسول الله أصبت أمرأتي وهي حائض فأمره رسول الله أن يعتق نسمة وقيمة النسمة حينئذ دينار وهذا إذا كان الإتيان في أول الحيض والدم أحمر أما إذا كان في آخره والدم أصفر فينبغي أن يتصدق بنصف دينار كما دلت عليه الآثار ويحب المتطهرين 222 أي المتنزهين عن الفواحش والأقذار كمجامعة الحائض والإتيان لا من حيث أمر الله تعالى وحمل التطهر على التنزه هو الذي تقتضيه البلاغة وهو مجاز على ما في الأساس وشمس العلوم وعن عطاء حمله على التطهر بالماء والجملتان تذييل مستقل لما تقدم نساؤكم حرث لكم أخرج البخاري وجماعة عن جابر قال : كانت اليهود تقول إذا أتى الرجل أمرأته من خلفها في قبلها ثم حملت جاء الولد أحول فنزلت والحرث إلقاء البذر في الأرض وهو غير الزرع لأنه إنباته يرشدك إلى ذلك قوله تعالى : أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون وقال الجوهري : الحرث الزرع والحارث الزارع وعلى كل تقدير هو خبر عما قبله إما بحذف المضاف أي مواضع حرث أو التجوز والتشبيه البليغ أي كمواضع ذلك وتشبيههن بتلك المواضع متفرع على تشبيه النطف بالبذور من حيث إن كلا منهما مادة لما يحصل منه ولا يحسن بدونه فهو تشبيه يكنى به عن تشبيه آخر فأتوا حرثكم أي ما هو كالحرث ففيه إستعارة تصريحية ويحتمل أن يبقى الحرث على حقيقته والكلام تمثيل شبه حال إتيانهم النساء في المأتي بحال إتيانهم المحارث في عدم الإختصاص بجهة دون جهة ثم أطلق لفظ المشبه به على المشبه والأول أظهر وأوفق لتفريع حكم الإتيان على تشبيههن بالحرث تشبيها بليغا وهذه الجملة مبينة لقوله تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله لما فيه من الإجمال من حيث المتعلق والفاء جزائية وما قبلها علة لما بعدها وقدم عليه إهتماما بشأن العلة وليحصل الحكم معلالا فيكون أوقع ويحتمل أن يكون المجموع كالبيان لما تقدم والفاء للعطف وعطف الإنشاء على الإخبار جائز بعاطف سوى الواو أنى شئتم قال قتادة والربيع من أين شئتم وقال مجاهد : كيف شئتم وقال الضحاك : متى شئتم ومجيء أنى بمعنىأين وكيف ومتى مما أثبته الجم الغفير وتلزمها على الأولمن ظاهرة أو مقدرة وهي شرطية حذف جوابها لدلالة الجملة السابقة عليه وأختار بعض المحققين كونها هنا بمعزل بمعنى من أين أي من أي جهة ليدخل فيه بيان النزول والقول بأن الآية حينئذ تكون دليلا على جواز الإتيان من الإدبار ناشيء من عدم التدبر في أنمنلازمة إذ ذاك فيصير المعنى من أي مكان لا في أي مكان فيجوز أن يكون المستفاد حينئذ تعميم الجهات من القدام والخلف والفوق والتحت واليمين والشمال لا تعميم مواضع الإتيان فلا دليل في الآية لمن جوز إتيان المرأة في دبرها كإبن عمر والأخبار عنه في ذلك صحيحة مشهورة والروايات عنه بخلافها على خلافها وكإبن أبي مليكة وعبدالله بن القاسم حتى قال فيما أخرجه الطحاوي عنه : ما أدركت أحدا أفتدى به في ديني يشك في أنه حلال وكمالك بن أنس حتى أخرج الخطيب عن أبي سليمان الجوزجاني أنه سأله عن ذلك فقال له :