وقد أتاك يقين غير ذي عوج من الإله وقول غير مكذوب ولا استدلال به على أن العوج بمعنى الشك لأن عوج اليقين هو الشك لا محالة والقول في وجه الإستدلال أن الشاعر فهم هذا المعنى من الآية لأنه اقتباس وإذا فهمه الفصيح مع صحة التجوز كان محملا تعسف ظاهر لأنه لم يتبين أنه اقتبسه منها ولو سلم يكون محتملا لما يحتمله العوج في النظم الذي لا عوج فيه وقد يقال : مراد من قال أي لا لبس فيه ولا شك نفي بعض أنواع الإختلال وعلى ذلك ما روي عن عثمان بن عفان منانه قال : أي غير مضطرب ولا متناقض وما قيل أي غير ذي لحن وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : غير ذي عوج غير مخلوق ولعله إن صح الخبر تفسير باللازم فتأمل .
لعلهم يتقون .
28 .
- علة أخرى مترتبة على الأولى .
ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون إيراد لمثل من الأمثال القرآنية بعد بيان أن الحكمة في ضربها هو التذكر والإتعاظ بها وتحصيل التقوى والمراد بضرب المثل ههنا تطبيق حالة عجيبة بأخرى مثلها وجعلها مثلها و مثلا مفعول ثان لضرب و رجلا مفعوله الأول أخر عن الثاني للتشويق إليه وليتصل به ما هو من تتمته التي هي العمدة في التمثيل أو مثلا مفعول ضرب و رجلا الخ بدل منه بدل كل من كل .
وقال الكسائي : انتصب رجلا على إسقاط الخافض أي مثلا في رجل وقيل غير ذلك وقد تقدم الكلام في نظيره .
و فيه خبر مقدم و شركاء مبتدأ و متشاكسون صفته والنكرة وإن وصفت يحسن تقديم خبرها والجملة صفة رجلا والرابط الهاء أو الجار والمجرور في موضع الصفة له و شركاء مرتفع بع على الفاعلية لاعتماده على الموصوف وقيل فيه صلة شركاء وهو مبتدأ خبره متشاكسون وفيه أنه ليس لتقديمه نكتة ظاهرة .
والمعنى ضرب الله تعالى مثلا للمشرك حسبما يقود إليه مذهبه من ادعاء كل من معبوديه عبوديته عبدا يتشارك فيه جملة مشاجرون لشكاسة أخلاقهم وسوء طبائعهم يتجاذبونه ويتعاورونه مهماتهم المتباينة في تحيره وتوزع قلبه ورجلا أي وضرب للموحد مثلا رجلا سلما أي خالصا لرجل فرد ليس لغيره سبيل إليه أصلا فهو في راحة عن التحير وتوزع القلب وضرب الرجل مثلا لأنه أفطن لما شقى به أو سعد فإن الصبي والمرأة قد يغفلان عن ذلك .
وقرأ عبد الله وابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة والزهري والحسن بخلاف عنه والجحدري وابن كثير وأبو عمرو سالما اسم فاعل من سلم أي خالصا له من الشركة وقرأ ابن جبير سلما بكسر السين وسكون اللام وقريء سلما بفتح فسكون وهما مصدران وصف بهما مبالغة في الخلوص من الشركة .
وقيل ورجل سالم برفعهما أي وهناك رجل سالم وجوز أن لا يقدر شيء ويكون رجل مبتدأ وسالم خبره لأنه موضع تفصيل إذ قد تقدم ما يدل عليه فيكون كقول امريء القيس : إذا ما بكى من خلفها انحفت له بشق وشق عندنا لم يحول وقوله تعالى : هل يستويان مثلا إنكار واستبعاد لاستوائهما ونفي له على أبلغ وجه وآكده وإيذان بأن ذلك من الجلاء والظهور بحيث لا يقدر أحد أن يتفوه باستوائهما أو يتلعثم في الحكم بتباينهما ضرورة