منزلة دخولهم النار وأنه مثل حاله E في المبالغة في تحصيل هدايتهم والإجتهاد في دعائهم إلى الإيمان بحال من يريد أن ينقذ من في النار منها وفي الحواشي الخفاجية نقلا عن السعد أن في هذه الآية استعارة لا يعرفها إلا فرسان البيان وهي الإستعارة التمثيلية المكنية لأنه نزل ما يدل عليه قوله تعالى : أفمن الخ من استحقاقهم العذاب وهم في الدنيا منزلة دخولهم النار في الآخرة حتى يترتب عليه تنزيل بذله E جهده في دعائهم إلى الإيمان منزلة إنقاذهم من النار الذي هو من ملائمات دخول النار ثم قال : قد عرفت من مذهبه أن قرينة المكنية قد تكون تحقيقية كم في نقض العهد انتهى فتأمل .
وقيل : إن النار مجاز عن الضلال من باب إطلاق اسم المسبب على السبب والإنقاذ بدل الهداية من ترشيح المجاز أو مجاز عن الدعاء للإيماء والطاعة وليس بذاك وجوز أن يكون الجزاء محذوفا وجملة فأنت تنقذ الخ مستأنفة مقررة للجملة الأولى والتقدير أفمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تخلصه أفأنت تنقذ من في النار .
ولا فرق بين الوجهين في أن الفاء في الأولى للعطف على محذوف ولا في كون المعنى على تنزيل استحقاق العذاب وهم في الدنيا منزلة دخولهم وتمثيل حاله E في المبالغة في تحصيل هدايتهم بحال من يريد أن ينقذ من في النار منها نعم الكلام على الأول جملة وعلى الثاني جملتان واستظهر أبو حيان أن من موصوف مبتدأ والخبر محذوف وحكى أن منهم من يقدره يتأسف عليه ومنهم من يقدرهخ يتخلص منه ومنهم من يقدره فأنت تخلصه ولا يخفى أن التقدير الأخير أولى وذكر أن النحاة على أن الفاء في مثل هذا التركيب للعطف وموضعها قبل الهمزة لكن قدمت الهمزة لأن لها صدر الكلام وقال : إن القول بأن كلا منهما في مكانه قول انفرد به الزمخشري فيما علمنا وفي المغنى ترجيح القول بأن الهمزة مقدمة من تأخير وعليه يقدر المعطوف عليه ما أنت مالك أمرهم أو ما أخبر الله تعالى به واقع لا محالة أو كل كافر مستحق للعذاب أو نحو ذلك مما يناسب المعنى المراد .
لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف استدراك بين ما يشبه النقيضين والضدين وهما المؤمنون والكافرون وأحوالهما والمراد بالذين اتقوا الموصوفون بما عدد من الصفات الفاضلة والغرف جمع غرفة وهي العلية أي لهم علالي كثيرة جليلة بعضها فوق بعض مبنية قيل : هو كالتمهيد لقوله تعالى : تجري من تحتها أي من تحت تلك الغرف الفوقانيات والتحتانيات الأنهر أي مبنية بناءا يتأتى معه جري الأنهار من تحتها وذلك على خلاف علالي الدنيا فيفيد الوصف بذلك أنها سويت تسوية البناء على الأرض وجعلت سطحا واحدا يتأتى معه جري الأنهار عليه على أن مياه الجنة لما كانت منحدرة من بطنان العرش على ما في الحديث فهي أعلى من الغرف فلا عجب من جري الماء عليها فوقا وتحتا لكن لا بد من وضع يتأتى معه الجري فالوصف المذكور لإفادة ذلك .
وقال بعض الأجلة : الظاهر أن هذا الوصف تحقيق للحقيقة وبيان أن الغرف ليست كالظلل حيث أريد بها المعنى المجازي على الإستعارة التهكمية وقال بعض فضلاء إخواننا المعاصرين : فائدة : التوصيف بما ذكر الإشارة إلى رفعة شأن الغرف حيث آذن أن الله تعالى بانيها وماذا عسى يقال في بناء بناه جل وعلا .
وأقول والله تعالى أعلم : وصفت الغرف بذلك للإشارة إلى أنها مهيأة معدة لهم قد فرغ من أمرها كما هو ظاهر الوصف لا أنها تبنى يوم القيامة لهم وفي ذلك من تعظيم شأن المتقين ما فيه وفي الآية على هذا رد على المعتزلة وكأن