وتناشدوا الأشعار فأنشد سعد ما فيه هجاء الأنصار وفخر لقومه فأخذ رجل من الأنصار لحى البعير فضرب به رأس سعد فشجه موضحة فأنطلق سعد إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وشكا إليه الأنصار فقال : اللهم بين لنا رأيك في الخمر بيانا شافيا فأنزل الله تعالى إنما الخمر والميسر إلى قوله تعالى : فهل أنتم منتهون وذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام فقال عمر رضي الله تعالى عنه : إنتهينا يارب وعن علي كرم الله تعالى وجهه لو وقعت قطرة منها في بئر فبنيت في مكانها منارة لم أؤذن عليها ولو وقعت في بحر ثم جف فنبت فيه الكلأ لم أرعه دابتي وعن إبن عمر رضي الله تعالى عنهما لو أدخلت أصبعي فيها لم تتبعنيوهذا هو الإيمان والتقى حقا .
والخمر عند الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه التي من ماء العنب إذا غلى وأشتد وقذف بالزبد وسميت بذلك لأنها تخمر العقل أي تستره ومنه خمار المرأة لستره وجهها والخامر وهو من يكتم الشهادة وقيل : لأنها تغطي حتى تشتد : ومنه خمر آنيتكم أي غطوها وقيل : لأنها تخالط العقل وخامره داء خالطه وقيل : لأنها تترك حتى تدرك ومنه أختمر العجين أي بلغ إدراكه وهي أقوال متقاربة وعليها فالخمر مصدر يراد به أسم الفاعل أو المفعول ويجوز أن يبقى على مصدريته للمبالغة وذهب الإمامان إلى عدم إشتراط القذف ويكفي الإشتداد لأن المعنى المحرم يحصل به وللإمام أن الغليان بداية الشدة وكمالها بقذف الزبد وسكونه إذ به يتميز الصافي من الكدر وأحكام الشرع قطعية فتناط بالنهاية كالحد وإكفار المستحل وحرمة البيع وأخذ بعضهم بقولهما في حرمة الشرب إحتياطا ثم إطلاق الخمر على غير ما ذكر مجاز عندنا وهو المعروف عند أهل اللغة ومن الناس من قال هو حقيقة في كل مسكر لما أخرج الشيخان وأبو داؤد والترمذي والنسائي كل مسكرخمر .
وأخرج أبو داؤد نزل تحريم الخمر يوم نزل وهو من خمسة من العنب والتمر والحنطة والشعير والذرة و الخمر ما خامر العقل وأخرج مسلم عن أبي هريرة الخمر من هاتين الشجرتين وأشار إلى الكرم والنخلةوأخرج البخاري عن أنس حرمت الخمر حين حرمت وما يتخذ من خمر الأعناب إلا قليل وعامة خمرنا البسر والتمر ويمكن أن يجاب أن المقصود من ذلك كله بيان الحكم وتعليم أن ما أسكر حرامكالخمروهو الذي يقتضيه منصب الإرشادلا تعليم اللغات العربيةسيما والمخاطبون في الغاية القصوى من معرفتها وما يقال : إنه مشتق من مخامرة العقل وهي موجودة في كل مسكر لا يقتضي العموم ولا ينافي كون الإسم خاصا فيما تقدم فإن النجم مشتق من الظهور ثم هو أسم خاص للنجم المعروف لا لكل ما ظهروهذا كثير النظير وتوسط بعضهم فقال : إن الخمر حقيقة في لغة العرب في التي من ماء العنب إذا صار مسكرا وإذا أستعمل في غيره كان مجازا إلا أن الشارع جعله حقيقة في كل مسكر شابه موضوعه اللغوي فهو في ذلك حقيقة شرعية كالصلاة والصوم والزكاة في معانيها المعروفة شرعا والخلاف قوى ولقوته ووقوع الإجماع على تسمية المتخذ من العنب خمرا دون المسكر من غيره أكفروا مستحل الأول ولم يكفروا مستحل الثاني بل قالوا : إن عين الأول حرام غير معلول بالسكر ولا موقوف عليه ومن أنكر حرمة العين وقال إن السكر منه حرام لأنه به يحصل الفساد فقد كفر لجحوده الكتاب إذ سماه رجسا فيه والرجس محرم العين فيحرم كثيره وإن لم يسكروكذا قليله ولو قطرةويحد شاربه مطلقا وفي الخبر حرمت الخمر لعينها وفي رواية بعينها قليلها وكثيرها سواء والسكر من كل شراب وقالوا : إن الطبخ لا يؤثر لأنه للمنع من ثبوت الحرمةلا لرفعها بعد ثبوتهاإلا أنه لا يحد فيه ما لم يسكر منه بناءا على أن الحد