بقوله وهو فيها حي يرزق قوله تعالى بل أحياء عند ربهم يرزقون وقال بعضهم : الجملة جواب سؤال مقدر كأنه قيل : ما حاله عند لقاء ربه عزوجل بعد ذلك التصلب في دينه فقيل : قيل أدخل الجنة والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع ولعل الأولى ما أشرنا إليه أولا وإنما لم يقل قيل له لأن الغرض المهم بيان المقول لا القائل والمقول له وقوله تعالى : قال ياليت قومي يعلمون 62 بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين 72 إستئناف بياني أيضا كأنه قيل بعد أن أخبر عنه بما أخبر : فماذا قال عند نيله تلك الكرامة السنية فقيل : قال إلخ وإنما تمنى علم قومه بحاله ليحملهم ذلك على إكتساب مثله بالتوبة عن الكفر والدخول في الإيمان والطاعة جريا على سنن الأولياء في كظنم الغيظ والترحم على الأعداء وفي الحديث نصح قومه حيا وميتا .
وقيل : يجوز أن يكون تمنيه ذلك ليعلموا أنهم كانوا على خطأ عظيم في أمره وأنه كان على صواب ونصيحة وشفقة وأن عداوتهم لم تكسبه إلا فوزا ولم تعقبه إلا سعادة لأن في ذلك زيادة غبطة له وتضاعف لذة وسرور والوجه الأول أولى والظأهر أن ما مصدرية ويجوز أن تكون موصولة والعائد مقدر أي ياليت قومي يعلمون بالذي غفر لي به أي بسببه ربي أو بالذي غفره أي بالغفران الذي غفره لي ربي والمراد تعظيم مغفرته تعالى له فتؤول إلى المصدرية وقال الزمخشري : أي بالذي غفره لي ربي من الذنوب وتعقب بأنه ليس بجيد إذ يؤل إلى تمني علمهم بذنوبه المغفورة ولا يحسن ذلك وكذا عطف وجعلني من المكرمين عليه لا ينتظم وما قيل من أن الغرض منه الإعلام بعظم مغفرة الله تعالى ووفور كرمه وسعة رحمته فلا يبعد حينئذ إرادة معنى الإطلاع عليها لذلك بل هو أوقع في النفس من ذكر المغفرة مجردة عن ذكر المغفور لإحتمال حقارته تكلف وأجاز الفراء أن تكون إستفهامية والجار صلة غفر أي بأي شيء غفر لي ربي يريد به المهاجرة عن دينهم والمصابرة على أذيتهم حتى قتل وتعقبه الكسائي بأنه لو صح ذلك لقيل بم بغير ألف فإن اللغة الفصيحة حذفها إذا جرت ما الإستفهامية بحرف جر نحو عم يتساءلون وقوله : علام أقول الرمح أثقل عاتقي إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت فرقا بينها وبين الموصولة وإثباتها نادر وقيل مختص بالضرورة نحو قوله : على ما قام يشتمني كخنزير تمرغ في رماد وقوله : إنا قتلنا بقتلانا سراتكم أهل اللواء ففيما يكثر القتل وقراءة عكرمة وعيسى عما يتساءلون وقرأ من المكرمين مشدد الراى مفتوحها مفتوح الكاف .
تم والحمد لله الجزء الثاني والعشرون ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الثالث والعشرون وأوله وما أنزلنا 23