فقد أخرج جماعة أن صهيبا أقبل مهاجرا نحو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأتبعه نفر من المشركين فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال : يامعشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بما في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقى في يدي منه شيء ثم أفعلوا ما شئتم فقالوا دلنا علي بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك وعاهدوه إن دلهم أن يدعوه ففعل فلما قدم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : أبا يحيى ربح البيع ربح البيع وتلا له الآية وعلى هذا يكون الشراء على ظاهره بمعنى الإشتراء .
وفي الكواشي أنها نزلت في الزبير بن العوام وصاحبه المقداد بن الأسود لما قال E : من ينزل خبيبا عن خشبته فله الجنة فقال : أنا وصاحبي المقدادوكان خبيب قد صلبه أهل مكةوقال الإمامية وبعض منا : إنها نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه حين أستخلفه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على فراشه بمكة لما خرج إلى الغار وعلى هذا يكون يرتكب في الشراى مثل ما أرتكب أولا والله رؤوف بالعباد 702 اي المومنين حيث أرشدهم لما فيه رضاه وجعل النعيم الدائم جزاء العمل المنقطع وأثاب على شراء ملكه بملكه .
ياأيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كآفة أخرج غير واحد عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت في عبدالله بن سلام وأصحابه وذلك أنهم حين آمنوا بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وآمنوا بشرائعه وشرائع موسى عليه السلام فعظموا السبت وكرهوا لحمان الإبل وألبانها بعد ما أسلموا فأنكر ذلك عليهم المسلمون فقالوا : إنا نقوي على هذا وهذا وقالوا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : إن التوراة كتاب الله تعالى فدعنا فلنعمل بها فأنزل الله تعالى هذه الآية فالخطاب لمؤمني أهل الكتاب و السلم بمعنى الإسلام و كافة في الأصل صفة من كف بمعنى منع أستعمل بمعنى الجملة بعلاقة أنها مانعة للأجزاء عن التفرقوالتاءفيه للتأنيث أو للنقل من الوصفية إلى الإسمية كعامة وخاصة وقاطبة أو للمبالغة وأختار الطيبي الأول مدعيا أن القول بالأخيرين خروج عن الأصل من غير ضرورة والشمول المستفاد منه شمول الكل للأجزاء لا الكلي لجزئياته ولا الأعم منهما ولا يختص بمن يعقل ولا بكونه حالا ولا نكرة خلافا لإبن هشاموليس له في ذلك ثبتوهو هنا حال من الضمير في أدخلوا والمعنى أدخلوا في الإسلام بكليتكم ولا تدعوا شيئا من ظاهركم وباطنكم إلا والإسلام يستوعبه بحيث لا يبقى مكان لغيره من شريعة موسى عليه السلام وقيل : الخطاب للمنافقين و السلم بمعنى الإستسلام والطاعة على ما هو الأصل فيه و كافة حال من الضمير أيضا أي أستسلموا لله تعالى وأطيعوه جملة وأتركوا النفاق وآمنوا ظاهرا وباطنا وقيل : الخطاب لكفار أهل الكتاب الذين زعموا الإيمان بشريعتهم والمراد من السلم جميع الشرائع بذكر الخاص وإرادة العام بناءا على القول بأن الإسلام شريعة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وحملاللامعلى الإستغراق و كافة حال من السلم والمعنى أدخلوا أيها المؤمنون بشريعة واحدة في الشرائع كلها ولا تفرقوا بينها وقيل : الخطاب للمسلمين الخلص والمراد من السلم شعب الإسلام و كافة حال منه والمعنى أدخلوا أيها المسلمون المؤمنون بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم في شعب الإيمان كلها ولا تخلوا بشيء من أحكامه وقال الزجاج في هذا الوجه : المراد من السلم الإسلام والمقصود أمر المؤمنين بالثبات عليه وفيه أن التعبير عن الثبات على الإسلام بالدخول فيه بيعد غاية البعد وهذا ما أختاره بعض المحققين من ستة عشر إحتمالا في الآية حاصلة من ضرب