لا يخرج عن الوقت ولايدخل فيما يورث المقت ولا جدال في الحج أي ولا ينازع أحدا في مقام التوجه إليه تعالى إذ الكل منه وإليه ومن نازعه في شيء ينبغي أن يسلمه إليه ويسلم عليه وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وما تفعلوا من فضيلة في ترك شيء من هذه الأمور يعلمه الله ويثيبكم عليه وتزودوا من الفضائل التي يلزمها الإجتناب عن الرذائل فإن خير الزاد التقوى وتمامها بنفي السوي وأتقون ياأولي الألباب فإن قضية العقل الخالص عن شوب الوهم وقشر المادةإتقاء الله تعالى ليس عليكم حرج عند الرجوع إلى الكثرة أن تطلبوا رفقا لأنفسكم على مقتضى ما حده المظهر الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم فإذا دفعتم أنفسكم من عرفات المعرفة فأذكروا الله عند المشعر الحرام أي شاهدوا جماله سبحانه عند السر الروحي المسمى بالخفي وسمى مشعرا لأنه محل الشعور بالجمال وووصف بالحرام لأنه محرم أن يصل إليه الغير وأذكروه كما هداكم إلى ذكره في المراتب وإن كنتم من قبل الوصول إلى عرفات المعرفة والوقوف بها لمن الضالين عن هذه الإذكار في طلب الدنيا ثم أفيضوا إلى ظواهر العبادات من حيث أفاض سائر الناس إليها وكونوا كأحدهم فإن النهاية الرجوع إلى البداية أو أفيضوا من حيث أفاض الأنبياء عليهم السلام لأجل أداء الحقوق والشفقة على عباد الله تعالى بالإرشاد والتعليم وأستغفروا الله فقد كان الشارع الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم يغان على قلبه ويستغفر الله تعالى في اليوم سبعين مرة ومن أنت يامسكين بعده إن الله غفور رحيم فإذا قضيتم مناسككم وفرغتم من الحج فأذكروا الله كذكركم آباءكم قبل السلوك أو أشد ذكرا لأن المبدأ الحقيقي فكونوا مشغولين به حسبما تقتضيه ذاته سبحانه فمن الناس من لا يطلب إلا الدنيا ولا يعبد إلا لأجلها وماله في مقام الفناء من نصيب لقصور همته وإكتسابه الظلمة المنافية للنور ومنهم من يطلب خير الدارين ويحترز عن الإحتجاب بالظمة والتعذيب بنيران الطبيعة أولئك لهم نصيب مما كسبوا من حظوظ الآخرة والأنوار الباهرة واللذات الباقية والمراتب العالية والله سريع الحساب وأذكروا الله أي كبروه إدبار الصلوات وعند ذبح القرابينورمي الجمار وغيرها .
في أيام معدودات وهي ثلاثة أيام التشريق وهو المروي في المشهور عن عمر وعلي وإبن عباس رضي الله تعالى عنهم وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها أربعة آيام بضم يوم النحر إليها وأستدل بعضهم للتخصيص بأن هذه الجملة معطوفة على قوله سبحانه فأذكروا الله إلخ فكأنه قيل فإذا قضيتم مناسككم فأذكروا الله في أيام معدودات والفاء للتعقيب فأقتضي ذلك إخراج يوم النحر من الأيام ومن أعتبر العطف والتعقيب وجعل بعض يوم يوما أستدل بالآية على إبتداء التكبير خلف الصلاة من ظهر يوم النحر وأستدل بعمومها من قال : يكبر خلف النوافل وأستشكل وصف أيام بمعدودات لأن أياما جمع يوم وهو مذكر و معدودات واحدها معدودة وهو مؤنث فكيف تقع صفة له فالظاهر معدودة ووصف جمع مالا يعقل بالمفرد المؤنث جائز وأجيب بأن معدودات جمع معدود لا معدودة وكثيرا ما يجمع المذكر جمع المؤنث كحمامات وسجلات وقيل : إنه قدر اليوم مؤنثا بإعتبار ساعاته وقيل : إن المعنى أنها في كل سنة معدودة وفي السنين معدودات فهي جمع معدودة حقيقة ولا يخفى ما فيه فمن تعجل أي عجل في النفر أو أستعجل النفر من متنى وقد ذكر غير واحد أن عجل وأستعجل يجيئان مطاوعين بمعنى عجل يقال : تعجل في الأمر وأستعجل ومتعديين يقال : تعجل الذهاب والمطاوعة عند الزمخشري أوفق لقوله تعالى : ومن تأخر كما هي كذلك في قوله :