الحواس وهواجس الخيال ووساوس النفس الأمارة وأتوا هاتيك البيوت من أبوابها التي تلي الروح ويدخل منها الحق وأتقوا الله عن رؤية تقواكم لعلكم تفوزون به وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم من قوى نفوسكم ودواعي بشريتكم فإن ذلك هو الجهاد الأكبر ولا تعتدوا بإهمالها والوقوف مع حظوظها أو لاتتجاوزوا في القتال إلى أن تضعفوا البدن عن القيام بمراسم الطاعة ووظائف العبودية .
فرب مخمصة شر من التخم .
إن الله لا يحب المعتدين الواقفين مع نفوسهم أو المتجاوزين ظل الوحدة وهو العدالة وأقتلوهم حيث وجدتموهم أي أمنعوا هاتيك القوى عنشم لذائذ الشهوات والهوى حيث كانوا وأخرجوهم عن مكة الصدر كما أخرجوكم عنها وأستنزلوكم إلى بقعة النفس وحالوا بينكم وبين مقر القلب وفتنتهم التي هي عبادة الهوى والسجود لأصنام اللذات أشد من الإماتة بالكلية أو بلاؤكم عند إستيلاء النفس أشد عليكم من القتل الذي هو محو الإستعداد وطمس الغرائز لما يترتب على ذلك من ألم الفراق عن حضرة القدس الذي لا يتناهى ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام وهو مقام القلب إذا وافقوكم في توجهكم حتى ينازعوكم في مطالبكم ويجروكم عن دين الحق ويدعوكم إلى عبادة عجل النظر إلى الأغيار فإن نازعوكم فأقتلوهم بسيف الصدق وأقطعوا مادة تلك لدواعي كذلك جزاء الكافرين الساترين للحق فإن إنتهوا عن نزاعهم فإن الله غفور رحيم وقاتلوهم على دوام الرعاية وصدق العبودية حتى لا تكون فتنة ولا يحصل إلتفات إلى السوي ويكون الدين كله لله بتوجه الجمع إلى الجناب الأقدس والذات المقدس فإن إنتهوا فلا عدوان إلا على المجاوزين للحدود الشهر الحرام الذي قامت به النفس لحقوقها بالشهر الحرام الذي هو وقت حضوركم ومراقبتكم والحرمات قصاص فلا تبالوا بهتك حرمتها وأنفقوا في سبيل الله ما معكم من العلوم بالعمل به والإرشاد ولا تلقوا بأيديكم إلى تهلكة التفريط وأحسنوابأن تكونوا مشاهدين ربكم في سائر أعمالكم إن الله يحب المشاهدين له وأتموا حجتوحيد الذات وعمرة توحيد الصفات لله بإتمام جميع المقامات والأحوال فإن أحصرتم بمنع أعداء النفوس أو مرض الفتور فجاهدوا في الله بسوق هدى النفس وذبحها بفناء كعبة القلب ولإختلاف النفوس في الإستعداد قال : ماأستيسر ولا تحلقوا رؤوسكم ولا تزيلوا آثار الطبيعة وتختاروا فراغ الخاطر حتى يبلغ هدى النفس محله فحينئذ تأمنون من التشويش وتكدر الصفاء فمن كان منكم مريضا ضعيف الإستعداد أو به أذى من رأسه أي مبتلى بالتعلقات ولم يتيسر له السلوك على ما ينبغي فعليه فدية من إمساك عن بعض لذاته وشواغله أو فعل بر أو رياضة تقمع بعض القوى فإذا أمنتم من المانع المحصر فمن تمتع بذوق تجلي الصفات متوسلا به إلى حج تجلي الذات فيجب عليه ما أمكن من الهدى بحسب حاله فمن لم يجد لضعف نفسه وإنقهارها فصيام ثلاثة أيام في الحج أي فعليه الإمساك عن أفعال القوى التي هي الأصول القوية في وقت التجلي والإستغراق في الجمع والفناء وهي العقل والوهم والمتخيلة وسبعة إذا رجعتم إلى مقام التفصيل والكثرة وهي الحواس الخمسة الظاهرة والغضب والشهوة لتكون عند الإستقامة في الأشياء بالله عزوجل تلك عشرة كاملة موجبة لأفاعيل عجيبة مشتملة على أسرار غريبة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام من الكاملين الحاضرين مقام الوحدة لأن أولئك لا يخاطبون ولا يعاتبون ومن وصل فقد أستراح الحج أشهر معلومات وهي مدة الحياة الفانية أو من وقت بلوغ الحلم إلى الأربعين كما قال في البقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك .
ومن هنا قيل : الصوفي بعد الأربعين بارد نعم العمش خير من العمى والقليل خير من الحرمان فمن فرض فيهن الحج على نفسه بالعزيمة فلا رفث أي فلا يمل إلى الدنيا وزينتها ولا فسوق ولا يخرج القوة الغضبية عن طاعة القلب بل