نافية واللام بمعنى إلا من قبله .
أيالهديوالجار متعلق بمحذوف يدل عليه لمن الضالين 891 ولم يعلقوه به لأن ما بعدالالموصولة لا يعمل فيما قبلها وفيه تأمل والمراد من الضلال الجهل بالإيمان ومراسم الطاعات والجملة تذييل لما قبلها كأنه قيل : أذكروه الآن إذ لا يعتبر ذكركم السابق المخالف لما هداكم لأنه من الضلالة وحمله على الحال توهم بعيد عن المرام .
ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس .
أي من عرفة لا منالمردلفةوالخطاب عام والمقصود إبطال ما كان عليه الحمس من الوقوف بجمع فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكانت سائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الإسلام أمر الله تعالى نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله سبحانه : ثم أفيضوا الآية ومعناها ثم أفيضوا أيها الحجاج من مكان أفاض جنس الناس منه قديما وحديثا وهو عرفة لا من مزدلفة وجعل الضمير عبارة عن الحمس يلزم منه بتر النظم إذ الضمائر السابقة واللاحقة كلها عامة : والجملة معطوفة على قوله تعالى : فإذا أفضتم ولما كان المقصود من هذه التعريض كانت في قوة ثم لا تفيضوا من المزدلفة وأتىبثمإيذان بالتفاوت بين الإفاضتين في الرتبة بأن إحداهما صواب والأخرى خطأ ولا يقدح في ذلك أن التفاوت إنما يعتبر بين المتعاطفين لا بين المعطوف عليه وما دخله حرف النفي من المعطوف لأن الحصر ممنوع وكذا لا يضر إنفهام التفاوت من كون أحدهما مأمورا به والآخر منهيا عنه كيفما كان العطف لأن المراد أن كلمة ثم تؤذن بذلك مع قطع النظر عن تعلق الأمر والنهي وجوز أن يكون العطف علىفأذكرواويعتبر التفاوت بين الإفاضتين أيضا كما في السابق بلا تفاوت وبعضهم جعله معطوفا على محذوف أي أفيضوا إلى منى ثم أفيضوا إلخ وليس بشيء كالقول بأن في الآية تقديما وتأخيرا والتقدير ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكمثم أفيضوا من حيث أفاض الناس فإذا أفضتم من عرفات فأذكروا الله عند المشعر الحرام وأستغفروا وإذ أريد بالمفاض منه المزدلفة وبالمفاض إليه منىكما قال الجبائيبقيت كلمة ثم على ظاهرها لأن الإفاضة إلى منى بعيدة عن الإفاضة من عرفاتلأن الحاج إذا أفاضوا منها عند غروب الشمس يوم عرفة يجيئون إلى المزدلفة ليلة النحر ويبيتون بها فإذا طلع الفجر وصلوا بغلس ذهبوا إلى قزح فيرقون فوقه أو يقفون بالقرب منه ثم يذهبون إلى وادي محسر ثم منه إلى منى والخطاب على هذا عام بلا شبهة والمراد من الناس الجنس كما هو الظاهرأي من حيث أفاض الناس كلهم قديما وحديثا وقيل : المراد بهم إبراهيم عليه السلام وسمى ناسا لأنه كان إماما للناس وقيل : المراد هو وبنوه وقريء الناسبالكسر أي الناسي والمراد به آدم عليه السلام لقوله تعالى في حقه : فنسي وكلمة ثمعلى هذه القراءة للإشارة إلى بعد ما بين الإفاضة من عرفات والمخالفة عنها بناءا على أن معنى ثم أفيضوا عليها ثم لا تخالفوا عنها لكونها شرعا قديما كذا قيل فليتدبر وأستغفروا الله من جاهليتكم في تغيير المناسك ونحوه إن الله غفور للمستغفرين رحيم 991 بهم منعم عليهم فإذا قضيتم مناسككم أي أديتم عباداتكم الحجية وفرغتم منها فأذكروا الله كذكركم آباءكم أي كما كنتم تذكرونهم عند فراغ حجكم بالمفاخر روى عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان أهل الجاهلية يجلسون بعد الحج فيذكرون أيام آبائهم ومايعدون من أنسابهم يومهم أجمع فأنزل الله تعالى ذلك أو أشد ذكرا إما مجرور معطوف