رضي الله تعالى عنه في أمثال ذلك معارض بما أخرجه إبن جرير وإبن المنذر عنه في تفسير الآية أنه كان يقول من أحرم بحج أو عمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه فعليه ذبح ماأستيسر من الهدي فكما خصص في الرواية الأولى عمم في هذه وهو أعلم بمواقع التنزيل والقولبأن حديث الحجاج ضعيفضعيف إذ له طرق مختلفة في السنن وقد روى أبو داؤد أن عكرمة سأل العباس وأبا هريرة رضي الله تعالى عنهما عن ذلك فقالا : صدق وحمله على ما إذا أشترط المحرم الإحلال عند عروض المانع من المرض له وقت النية لقوله لضباعة : حجي وأشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني لا يتمشى على ما تقرر في أصول الحنفية من أن المطلق يجري على إطلاقه إلأ إذا أتحد الحادثة والحكم وكان الإطلاق والتقييد في الحكم إذ ما نحن فيه ليس كذلك كما لا يخفى .
فما أستيسر من الهدي أي فعليكم أو فالواجب أو فأهدوا ما أستيسر أي تيسر فهو كصعب وأستصعب وليست السين للطلب و الهدي مصدر بمعنى المفعول أي المهدي ولذلك يطلق على الفرد والجمع أو جمع هدية كجدي وجديةوقريء هدي بالتشديد جمع هديةكمطي ومطيةوهو في موضع الحال من الضمير المستكن والمعنى أن المحرم إذا أحصر وأراد أن يتحلل تحلل بذبح هدي تيسر عليه من بدنة أو بقرة أو شاة قال إبن عباس رضي الله تعالى عنه : وما عظم فهو أفضل وعن إبن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه خص الهدى ببقرة أو جزور فقيل له : أو ما يكفيه شاة فقال : لا ويذبحه حيث أحصر عند الأكثر لأنه ذبح عام الحديبية بها وهي من الحل وعندنا يبعث من أحصر به ويجعل للمبعوث بيده يوم أمارة فإذا جاء اليوم وغلب على ظنه أنه ذبح تحلل لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فإن حلق الرأس كناية عن الحل الذي يحصل بالتقصير بالنسبة للنساء والخطاب للمحصرين لأنه أقرب مذكور والهدي الثاني عين الأول كما هو الظاهر أي لا تحلوا حتى تعلموا أن الهدي المبعوث إلى الحرم بلغ مكانه الذي يجب أن ينحر فيه وهو الحرم لقوله تعالى : ثم محلها إلى البيت العتيق هديا بالغ الكعبة وما روى من ذبحه صلى الله تعالى عليه وسلم في الحديبية مسلم لكن كونه ذبح في الحل غير مسلم والحنفية يقولون : إن محصر رسول الله كان في طريق الحديبية أسفل مكة والحديبية متصلة بالحرم والذبح وقع في الطرف المتصل الذي نزله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبه يجمع بين ما قاله مالك وبين ما روى الزهري أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نحر في الحرم وكون الرواية عنه ليس بثبت في حيز المنع وحمل الأولون بلوغ الهدي محله على ذبحه حيث يحل ذبحه فيه حلا كان أو حرما وهو خلاف الظاهر إلا أنه لا يحتاج إلى تقدير العلم كما في السابق وأستدل بإقتصاره على الهدي في مقام البيان على عدم وجوب القضاء وعندنا يجب القضاء لقضاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية التي أحصروا فيها وكانت تسمى عمرة القضاء والمقام مقام بيان طريق خروج المحصر عن الإحرام لا مقام بيان كل ما يجب عليه ولم يعلم من الآية حكم غير المحصر عبارة كما علم حكم المحصر من عدم جواز الحل له قبل بلوغ الهدي ويستفاد ذلك بدلالة النص وجعل الخطاب عاما للمحصر وغيره بناءا على عطف ولا تحلقوا على قوله سبحانه : وأتموا لا على فما أستيسر يقتضي بتر النظم لأن فإذا أمنتم عطف على فإن أحصرتم كما لا يخفى والمحلبالكسر من حد ضرب يطلق للمكان كما هو الظاهر في الآية وللزمانكما يقالمحل الدين لوقت حلوله وسنقضاء أجله .
فمن كان منكم مريضا يحتاج للحلق وهو مخصص لقوله سبحانه ولا تحلقوا متفرع عليه