وقيلوقيل : أي في دعوى استقباح ذلك الناطق بها كلامك وهذا الجواب صدر عنهم في المرة الأولى من مرات مواعظ لوط عليه السلام وما في سورة الأعراف المذكورة في قوله تعالى : وما كان جواب قومه إلا أن قالوا اخرجوهم من قريتكم الآية وما في سورة النمل المذكورة في قوله تعالى : فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم الآية فقد صدر عنهم بعد هذه المرة فلا منافاة بين الحصر هنا والحصر هناك قاله أبو حيان وتبعه أبو السعود وتعقب بأن هذا التعيين يحتاج إلى توقيف وأجيب بأن مضمون الجوابين يشعران بالتقدم والتأخر وذلك أن ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين من باب التكذيب والسخرية وهو أوفق بأوائل المواعظ والتوبيخات و أخرجوهم من قريتكم ونحوه من باب التعذيب والانتقام وهو أنسب بأن يكون بعد تكرر الوعظ والتوبيخ الموجب لضجرهم ومزيد تالمهم مع قدرتهم على التشفي وهذا القدر يكفي لدعوى التقدم والتأخر وقيل في دفع المنافاة بين الحصرين : إن ما هنا جواب قومه عليه السلام له إذ نصحهم وما هناك جواب بعضهم لبعض إذ تشاوروا في أمره وقيل : إن أحد الجوابين صدر عن كبار قومه وامرائهم والآخر صدر عن غيرهم وظاهر صنيع بعضالأجلة يقتضي اختيار أن يكون كل من الحصرين بالاضافة الى الجواب الذي يرجوه عليه السلام في متابعته فتأمل .
قال رب انصرني أي بانزال العذاب الموعود على القوم المفسدين .
3 .
- بابتداع الفاحشة وسنها فيما بعدهم والاصرار عليها واستعجال العذاب بطريق السخرية وإنما وصفهم بذلك مبالغة في استنزال العذاب ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى أي بالبشارة بالولد والنافلة قالوا أي لإبراهيم عليه السلام في تضاعيف الكلام إنا مهلكوا أهل هذه القرية أي قرية سذوم وهي أكبر قرى قوم لوط وفيها نشأت الفاحشة أولا على ما قيل ولذا خصت بالذكر وفي الاشارة بهذه إشارة إلى أنها كانت قريبة من محل ابراهيم عليه السلام وإضافة مهلكوا الى اهل لفظية لأن المعنى على الاستقبال وجوز كونها معنوية لتنزيل ذلك منزلة الماضي لقصد التحقيق والمبالغة إن أهلها كانوا ظالمين .
13 .
- تعليل للاهلاك باصرارهم على الظلم وتماديهم في فنون الفساد وأنواع المعاصي والتأكيد في الموضعين للاعتناء بشأن الخبر وقال سبحانه : إن أهلها دون إنهم مع أنه أظهر وأخصر تنصيصا على اتفاقهم على الفساد كما اختاره الخفاجي .
وقال بعض المدققين : إن ذلك للدلالة على أن منشأ فساد جبلتهم خبث طينتهم ففيه اشارة خفية إلى أن المراد من أهل القرية من نشأ فيها فلا يتناول لوطا عليه السلام واعترض بأنه يبعد كل البعد خفاؤها لو كانت على ابراهيم عليه السلام كما هو ظاهر قوله تعالى : قال إن فيها لوطا وقيل : يجوز أن يكون عليه السلام علم ما أشاروا اليه من عدم تناول أهل القرية اياه لكنه أراد التنصيص على حاله ليطمئن قلبه لكمال شفقته عليه وقيل : أراد أن يعلم هل يبقى في القرية عند أهلاكهم أو يخرج منها ثم يهلكون وكأن في قوله : إن فيها دون إن منهم إشارة إلى ذلك وافهم كلام بعض المحققين أن قوله : إن فيها لوطا اعتراض على الرسل عليهم السلام بأن في القرية من لم يظلم بناء على أن المتبادر من إضافةالأهل اليها العموم وحمل الاهل على من سكن فيها وإن لم يكن تولده بها أو معارضة للموجب للهلاك وهو الظلم بالمانع وهو أن لوطا بين ظهرانيهم