هو لفظ سبب وقد يستغنى عن التقدير بتأويل مودة بمودودة أو بجعلها نفس المودة مبالغة واعترض جعل مودة المفعول الثاني بأنه معرفة بالاضافة إلى المضاف إلى الضمير والمفعول الأول نكرة وذلك غير جائز لأنهما في الأصل مبتدأ وخبر وأجيب بأنه لا يلزم من غير جواز ذلك في أصلهما عدم جوازه فيهما وإذا سلم اللزوم فلا يسلم كون المفعول الثاني هنا معرفة بالاضاة لما أنها على الاتساع فهي من قبيل الاضافة اللفظية التي لا تفيد تعريفا وإنما تخفيفا في اللفظ كذا قيل : وهو كما ترى .
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر مودة بالنصب والتنوين بينكم النصب والوجه أن مودة منصوب على أحد الوجهين السابقين بينكم منصوب به أو بمحذوف وقع صفة له وابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس مودة بينكم برفع مودة مضافة إلى بين وخفض بين بالاضافة وخرج الرفع على أن مودة خبر مبتدأ محذوف أي هي مودة على أحد التأويلات المعروفة والجملة صفة أوثانا وجوز كونها المفعول الثاني أو على أنها خبر إن على أن ما مصدرية أي إن اتخاذكم أو موصولة قد حذف عائدها أو هو المفعول الأول أي إن الذي اتخذتموه من دون الله أوثانا مودة بينكم أو موصولة قد حذف عائدها وهو المفعولالاول أي إن الذي اتخذتموه من دون الله أوثانا مودة بينكم ويجري فيه التأويلات التي أشرنا اليها .
وقرأ الحسن وأبو حيوة وابن أبي عبلة وأبو عمرو في رواية الأصمعي والاعشى عن أبي بكر مودة بالرفع والتنوين بينكم بالنصب ووجه كل معلوم مما مر وروي عن عاصم مودة بالرفع من غير تنوين و بينكم بفتح النون جعله مبنيا لاضافته إلى لازم البناء فمحله الجر باضافة مودة اليه ولذا سقط التنوين منها وفي قوله تعالى : في الحيوة الدنيا على هذه القراءات والاوجه فيه اوجه من الاعراب ذكرها أبو البقاء الأول : أن يتعلق باتخذتم على جعل ما كافة ونصب مودة لا على جعلها موصولة أو مصدرية ورفع مودة لئلا يؤدي الى الفصل بين الموصول وما في حيز الصلة بالخبر الثاني : أن يتعلق بنفس مودة إذا لم يجعل بين صفة لها بناء على أن المصدر إذا وصف لا يعمل مطلقا وأجاز ابن عطية هذا التعلق وان جعل بين صفة لما أنه يتسع بالظرف مالم يتسع في غيره فيجوز عمل المصدر به بعد الوصف الثالث : أن يتعلق بنفس بينكم لأن معناه اجتماعكم أو وصلكم الرابع : أن يجعل حالا من بينكم لتعرفه بالأضافة وتعقب أبو حيان هذين الوجهين بعد نقلهما عن أبي البقاء كما ذكرنا بأنهما اعرابان لا يتعقلان الخامس : أن يجعل صفة ثانية لمودة إذا نونت وجعل بينكم صفة لها وأجاز ذلك مكي وأبو حيان أيضا السادس : أن يتعلق بمودة ويجعل بينكم ظرفا متعلقا بها أيضا وعمل مودة في ظرفين لاختلافهما السابع : أن يجعل حالا من الضمير في بينكم إذا جعل وصفا لمودة والعامل الظرف لأن العامل في ذي الحال هو العامل في الحال ولا يجوز أن يكون العامل مودة لذلك وقال مكي : لأنك قد وصفتها ومعمول المصدر متصل به فيكون قد فرقت بين الصلة والموصول بالصفة وعن ابن مسعود أنه قرأ إنما اتخذتم من دون الله أوثانا إنما مودة بينكم في الحياة الدنيا بزيادة إنما بعد أوثانا ورفع مودة بلا تنوين وجر بين بالاضافة وخرجت على أن مودة مبتدأ وفي الحياة الدنيا خبره والمعنى إنما توادكم عليها أو مودتكم إياها كائن أو كائنة في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يتبدل الحال حيث يكفر بعضكم وهم العبدة ببعض وهم الاوثان ويلعن بعضكم بعضا أي يلعن كل فريق منكم ومن الاوثان حيث ينطقها الله تعالى الفريق