مقدرمقدر أي ألم ينظروا ولم يعلموا كيفية خلق الله تعالى الخلق ابتداء من مادة ومن غير مادة أي قد علموا ذلك .
وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بخلاف عنه ألم تروا بتاء الخطاب وهو على ما قال هذا البعض لتشديد الانكار وتأكيده ولا يحتاج عليه إلى تقدير قول ومن لم يجعل ذلك كلاما مستأنفا مسوقا من جهته تعالى للانكار على تكذيبهم بالبعث قال : إن الخطاب على تقدير القول أي قال لهم رسلهم : ألم تروا ووجه ذلك بأنه جعل ضمير أو لم يروا على قراءة الغيبة لأمم قوله تعالى : أمم من قبلكم فيجعل في قراءة الخطاب له أيضا ليتحد معنى القراءتين وحينئذ يحتاج لتقدير القول ليحكي خطاب رسلهم معهم إذ لا مجال للخطاب بدونه .
وقيل : إن ذاك لأن لا يجوز أن يكون الخطاب لمنكري الاعادة من أمة إبراهيم أو نبينا عليهما الصلاة والسلام وهم المخاطبون بقوله تعالى : وإن تكذبوا لأن الاستفهام للانكار أي قد رأوا فلا يلائم قوله تعالى : قل سيروا الخ لأن المخاطبين فيها هم المخاطبون أولا يعني أن كانت الرؤية علمية فالامر بالسير والنظر لا يناسب لمن حصل له العلم بكيفية الخلق والقول بأن الاول دليل أنفسي والثاني أفاقي مخالف للظاهر من وجوه اه فتدبر ولعل الأظهر والأبعد عن القيل والقال في نظ الآيات ما نقلناه عن بعض المحققين .
وقرأ الزبيري وعيسى وأبو عمرو بخلاف عنه كيف يبدا على أنه مضارع بدأ الثلاثي مع إبدال الهمزة ألفا كما ذكره الهمداني وقوله تعالى : ثم يعيده عطف على أو لم يروا لا على يبديء لأن الرؤية إن كانت بصرية فهي واقعة على الابداء دون الاعادة فلو عطف عليه لم يصح وكذا إذا كانت علمية لأن المقصود الاستدلال بما علموه من أحوال المبدأ على المعاد لاثباته فلو كان معلوما لهم كان تحصيلا للحاصل .
وجوز العطف عليه بتأويل الاعادة بانشائه تعالى كل سنة مثل ما أنشأه سبحانه في السنة السابقة من النبات والثمار وغيرهما فان ذلك مما يستدل به على صحة البعث ووقوعه على ما قيل من غير ريب وعن مقاتل أن الخلق هنا الليل والنهار وليس بشيء إن ذلك أي ما ذكر من الاعادة وجوز أن يكون المشار اليه ما ذكر من الامرين على الله يسير إذ لا يحتاج فعله تعالى الى شيء خارج عن ذاته D .
قل سيروا في الأرض أمر لابراهيم عليه السلام أن يقولذلك عند بعض المحققين وكذا جعله من جعل جميع ما تقدم من قصة إبراهيم عليه السلام ومن جعل قوله تعالى : وان تكذبوا الى قوله تعالى : فما كان جواب قومه اعتراضا جعل هذا أمرا لنبينا صلى الله عليه وسلّم أن يقول ذلك لقريش .
وجوز أن يجعل نظم الآيات السابقة على ما نقل عن بعض المحققين ويجعل هذا أمرا للنبي E أن يقول ذلك لهم فانهم مثل قوم إبراهيم عليه السلام والامم الذين من قبلهم في التكذيب بالبعث والانكار له وما في حيز هذا القول متضمن ما يدل على صحته وعدم اتحاده ما ما سبق لا يضر وأيا ما كان فاضافة الرحمة إلى ضمير المتكلم فيما يأتي إن شاء الله تعالى لما أن ذلك حكاية كلامه D على وجه ومثله في القرآن الكريم كثير والسير كما قال الراغب : المضي في الأرض وعليه يكون في الآية تجريد والظاهر أن المراد به المضي بالجسم وجوز أن يراد به إجالة الفكر وحمل على ذلك فيما يروى في وصف الأنبياء عليهم السلام أبدانهم في الارض سائرة وقلوبهم في الملكوت جائلة ومنهم من حمل ذلك على الجد في العبادة المتوصل