تضمنه الأمر كما في قولهم : أكرمني أنفعك لا يفيد ذلك والداعي لهم إلى المبالغة التشجيع على الاتباع والحمل هنا مجاز وفي البحر شبه القيام بما يتحصل من عواقب الاثم بالحمل على الظهر والخطايا بالمحمول وقال مجاهد : الحمل هنا من الحمالة لا من الحمل انتهى .
والآية على ما أخرج جماعة عن مجاهد نزلت في كفار قريش قالوا لمن آمن منهم : لا نبعث نحن ولا أنتم فاتبعونا فان كان عليكم شيء فعلينا وأخرج ابن أبي شيبة وأبن المنذر عن ابن الحنفية قال كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس إذا جاءوا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يسلمون يقولون : إنه يحرم الخمر ويحرم الزنا ويحرم ما كانت تصنع العرب فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم فنزلت هذه الآية وقيل : قائل ذلك أبو سفيان بن حرب وأمية بن خلف قالا لعمر رضي الله تعالى عنه : إن كان في الاقامة على دين الآباء إثم فنحن نحمله عنك .
وقيل : قائله الوليد بن المغيرة ونسبه ما صدر عن الواحد للجمع شائع وقد تقدم الكلام غير مرة في وجه ذلك وقرأ الحسن وعيسى ونوح القاريء ولنحمل بكسر لام الأمر ورويت عن علي كرم الله تعالى وجهه وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء نفي مؤكد عن سبيل الاستمرار لكونهم حاملين شيئا ما من خطاياهم التي التزموا حملها فالباء زائدة لتأكيد النفي والاستمرار الذي تفيده الجملة الاسمية معتبر بعد النفي ومن الأولى للبيان وهو مقدم من تأخير ومن الثانية مزيدة لتأكيد الاستغراق وهذه الجملة اعتراض أو حال .
وقرأ داود بن أبي هند فيما ذكر أبو الفضل الرازي من خطيئتهم على التوحيد قال : ومعناه الجنس ودل على ذلك اتصافه بضمير الجماعة وذكر ابن خالويه وأبو عمرو الداني أن داود هذا قرأ من خطيئاتهم جمع خطيئة جمع السلامة بالألف والتاء وذكر ابن عطية عنه أنه قرأ من خطيهم بفتح الطاء وكسر الياء وينبغي أن يحمل كسر الياء على أنها همزة سهلت بين بين فاشتبهت الياء لأن القياس تسهيلها هو ذلك وقوله تعالى : إنهم لكاذبون .
21 .
- استئناف مقرر للنفي السابق والكذب قيل راجع إلى تعليق الحمل بالاتباع فانه اخبار لا إلى الامر السابق لأنه انشاء لا يجري الكذب فيه وتعقب بأن التعليق لا يلزمه أن يكون اخبار بل هو ضمان معلق أي إنشاء الضمان عند وجود الصفة ولذا قال الزمخشري : إن ضامن مالا يعلم اقتداره على الوفاء به لا يسمى كاذبا لا حين ضمن ولا حين عجز لأنه في الحالين لا يدخل تحت حد الكاذب وهو المخبر عن الشيء لا على ما هو عليه وجعل هذا سؤالا عن وجه التعبير بكاذبون وأجاب عن ذلك بوجهين ثانيهما على ما في الكشف هو الوجه وحاصله أن الكذب ليس راجعا إلى أنهم غير حاملين ليقال : إن الضامن لا يسمى كاذبا بل أخبر الله تعالى أنهم عجز عما ضمنوه ومع ذلك هم كاذبون في وعد إنشاء الضماء عند وجود الوصف والمحصل أن من وعد الضمان إن ضمن ولم يحقق لا يسمى كاذبا وإن لم يضمن سمي كاذبا وأولهما أنه شبه الله تعالى حالهم حيث علم أن ما ضمنوه لا طريق لهم إلى أن يفوا به فكأن ضمانهم عنده سبحانه لا على ما هو عليه المضمون بالكاذبين الذين خبرهم لا على ما عليه المخبر عنه .
وقال بعض المحققين : الكذب راجع إلى الخبر الذي في ضمن وعدهم بالحمل وهم أنهم قادرون على إنجاز