وأخرجوأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم أنه لما دخل على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ألقى إليه وسادة فجلس على الأرض فقال E أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا فأسلم رضي الله تعالى عنه وعن الفضيل أنه قرأ الآية ثم قال : ذهبت الأماني ههنا وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يرددها حتى قبض وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : إن الرجل ليحب أن يكون شسع نعله أجود من شسع نعل صاحبه فيدخل في هذه الآية .
ولعل هذا إذا أحب ذلك ليفتخر على صاحبه ويستهينه والا فقد روى أبو داود عن أبي هريرة أن رجلا أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكان جميلا فقال : يا رسول الله إني رجل حبب إلي الجمال وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحد إما قال بشراك نعل وإا قال بشسع نعل افمن الكبر ذلك قال لا ولكن الكبر من بطر الحق وغمط الناس .
وروى مسلم وأبو داود والترمذي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال : إن الله تعالى جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس واستدل بعض المعتزلة بالآية بناء على عموم العلو والفساد فيها على تخليد مرتكب الكبيرة في النار وفي الكشاف ما هو ظاهر في ذلك والتزم بعضهم في الجواب تفسير العلو والفساد بما فسرهما به الكلبي وآخر أن المراد بهما ما يكون مثل العلو والفساد اللذين كانا من فرعون وقارون ورد بأن التذييل بقوله تعالى : والعاقبة للمتقين يدل على أن العمدة هي التقوى ولا يكفي ترك العلو والفساد المقيدين .
وأجيب بأن المتقي ههنا هو المتقي من علو فرعون وفساد قارون أو من لم يكن من المؤمنين مثل فرعون في الاستكبار على الله تعالى بعدم امتثال أوامره وارتداع عن زواجره ولم يكن مثل قارون في إرادة الفساد في الأرض واخراج كل شيء من كونه منتفعا به لا سيما نفسه فان غاية افسادها الامتناع من عبادة ربها لأنها خلقت للعبادة فاذا امتنع عنها خرجت عن كونها منتفعا بها وليس معنى المتقي إلا ذلك وتعقبه صاحب الكشف بأن الأول تقييد بلا دليل والثاني هو الذي يسعى له المعتزلي وقال الفاضل الخفاجي : إا أن يراد بالعاقبة العاقبة المحمودة على وجه الكمال أو يراد بالمتقي المتقي مالا يرضاه الله تعالى مثل حال قارون بقرينة المقام والنصوص الدالة على أن غير الكفار لا يخلد في النار فلا وجه للقول بأن ذلك تقييد بلا دليل مع أن مبني الاستدلال على أن اللام للتخصيص وهو ممنوع وقال بعض في الجواب على تقدير إرادة العموم في علوا وفسادا : إن المراد من جعل الجنة للذين لا يريدون شيأ منهما تمكينهم منها أتم تمكين نحو قولك : جعل السلطان بلد كذا لفلان وذلك لا ينافي أن يدخلها غيرهم من مرتكب الكبيرة ويكون فيها بمنزلة دون منزلتهم ولعله إنما دخلها بشفاعة بعض منهم وقريب منه ما قيل : إن جعلها لهم باعتبار أنهم أهلها الاولون وملوكها السابقون وغيرهم إنما يرد عليهم وينزل بهم ويقال في قوله تعالى : والعاقبة للمتقين نحو ما مر آنفا عن الخفاجي بقي في الآية كلام آخر وهو أن بعضهم استدل بها على عدم وجود الجنة اليوم بناء على أن معنى نجعلها للذين لا يريدون الخ نخلقها في المستقبل لأجلهم وأجيب بأنه يحتمل أن يكون الجعل متعديا إلى مفعولين ثانيهما للذين لا يريدون الخ فيصير المعنى نجعلها كائنة وحاصلة لهم في الزمان المستقبل فتفيد الآية أن جعلها كائنة لهم غير حاصل الآن لا جعلها نفسها