تعالى عنه لا يشترط يوما ولا صوما لما أخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن إبن عباس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه ومثله عن إبن مسعود وعن على كرم الله تعالى وجهه روايتان أخرجهما إبن أبي شيبة منطريقين إحداهما الإشتراط وثانيتهما عدمه وعلى أن المعتكف إذا خرج من المسجد فباشر خارجا جاز لأنه حصر المنع من المباشرة حال كونه فيه وأجيب بأن المعنى لا تباشروهن حال ما يقال لكم : إنكم عاكفون في المساجد ومن خرج من المسجد لقضاء الحاجة فإعتكافه باق ويؤيده ما روى عن قتادة كان الرجل يعتكف فيخرج إلى أمرأته فيباشرها ثم يرجعفنهوا عن ذلكوأستدل بها أيضا على أن الوطء يفسد الإعتكاف لأن النهي للتحريم وهو في العبادات يوجب الفساد وفيه أن المنهي عنه هناالمباشرة حال الإعتكافوهو ليس من العبادات لا يقال : إذا وقع أمر منهي عنه في العبادةكالجماع في الإعتكافكانت تلك العبادة منهية بإعتبار إشتمالها على المنهي ومقارنتها إياه إذ يقال : فرق بين كون الشيء منهيا عنه بإعتبار ما يقارنه وبين كون المقارن منهيا في ذلك الشيء والكلام في الاول وما نحن فيه من قبيل الثاني تلك أي الأحكام الستة المذكورة المشتملة على إيجاب وتحريم وإباحة حدود الله أي حاجزة بين الحق والباطل فلا تقربوها كيلا يداني الباطل والنهي عن القرب منتلك الحدودالتي هي الأحكام كناية عن النهي عن قرب الباطل لكون الأول لازما للثاني وهو أبلغ من لا تعتدوها لأنه نهى عن قرب الباطل بطريق الكناية التي هي ابلغ من الصريح وذلك نهى عن الوقوع في الباطل بطريق الصريح وعلى هذا لا يشكل لا تقربوها في تلك الأحكام مع إشتمالها على ما سمعت ولا وقوع فلا تعتدوها وفي آية أخرى إذ قد حصل الجمع وصح لا تقربوها في الكل وقيل : يجوز أن يراد ب حدود الله تعالى محارمه ومناهيه إما لأن الأوامر السابقة تستلزم النواهي لكونها مغياة بالغاية وإما لأن المشار إليه قوله سبحانه : ولا تباشروهن وأمثاله وقال أبو مسلم : معنى لا تقربوها لا تتعرضوا لها بالتغيير كقوله تعالى : ولا تقربوا مال اليتيم فيشمل جميع الأحكامولا يخفى ما في الوجهين من التكليفوالقولبأن تلك إشارة إلى الأحكاموالحدإما بمعنى المنع أو بمعنى الحاجز بين الشيئين فعلى الأول يكون المعنى تلك الأحكام ممنوعات الله تعالى عن الغير ليس لغيره أن يحكم بشيء فلا تقربوها أي لا تحكموا على أنفسكم أو على عباده من عند أنفسكم بشيءفإن الحكم لله تعالى عز شأنهوعلى الثاني يريد أن تلك الأحكام حدود حاجزة بين الألوهية والعبودية فالإله يحكم والعباد تنقاد فلا تقربوا الأحكام لئلا تكونوا مشركين بالله تعالىلا يكاد يعرض على ذي لب فيرتضيه وهو بعيد بمراحل عن المقصود كما لا يخفي .
كذلك أي مثل ذلك التبيين الواقع في أحكام الصوم يبين الله آياته إما مطلقا أو الآيات الدالة على سائر الأحكام التي شرعها للناس لعلهم يتقون 781 مخالفة أوامره ونواهيه والجملة إعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه لتقرير الأحكام السابقة والترغيب إلى إمتثالها بأنها شرعت لأجل تقواكم ولما ذكر سبحانه الصيام وما فيه عقبه بالنهي عن الأكل الحرام المفضي إلى عدم قبول عبادته من صيامه وإعتكافه فقال : ولا تأكلو أموالكم بينكم بالباطل والمراد منالأكلما يعم الأخذ والإستيلاء وعبر به