قريب من النكرة لعلكم تتقون 381 أي كي تحذروا المعاصي فأن الصوم يعقم الشهوة التي هي أمها أو يكسرها فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدالله رضي الله تعالى عنه قال : قال لنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : يامعشر الشباب من أستطاع منكم الباءة فليتزوج فأنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء ويحتمل أن يقدر المفعول الإخلال بأدائه وعلى الأول يكون الكلام متعلقا بقوله كتب من غير نظر إلى التشبيه وعلى الثاني بالنظر إليه أي كتب عليكم مثل ما كتب على الأولين لكي تتقوا الإخلال بأدائه بعد العلم بأصالته وقدمه ولا حاجة إلى تقدير محذوف أي أعلمتكم الحكم المذكور لذلك كما قيل بهوجوز أن يكون الفعل منزلا منزلة اللازم أي لكي تصلوا بذلك إلى رتبة التقوى .
أياما معدودات أي معينات بالعد أو قليلات لأن القليل يسهل عده فيعد والكثير يؤخذ جزافا قال مقاتل : كل معدودات في القرآن أو معدودة دون الأربعين ولا يقال ذلك لما زاد والمراد بهذه الأيام إما رمضان وأختار ذلك إبن عباس والحسن وأبو مسلم رضي الله تعالى عنه وأكثر المحققين وهو أحد قولي الشافعي فيكون الله سبحانه وتعالى قد أخبر أولا أنه كتب علينا الصيام ثم بينه بقوله عزوجل : آياما معدودات فزال بعض الإبهام ثم بينه بقوله عز من قائل : شهر رمضان توطينا للنفس عليه وأعترض بأنه لو كان المراد ذلك لكان ذكر المريض والمسافر تكرارا وأجيب بأنه كان في الإبتداء صوم رمضان واجبا على التخيير بينه وبين الفدية فحين نسخ التخيير وصار واجبا على التعيين كان مظنة أن يتوهم أن هذا الحكم يعم الكل حتى يكون المريض والمسافر فيه كالمقيم والصحيح فأعيد حكمهما تنبيها على أن رخصتهما باقية بحالها لم تتغير كما تغير حكم المقيم والصحيح وأما ما وجب صومه قبل وجوبه وهو ثلاثة أيام من كل شهر وهي أيام البيض على ما روى عن عطاء ونسب إلى إبن عباس رضي الله تعالى عنه أو ثلاثة من كل شهر ويوم عاشوراء على ما روى عن قتادة وأتفق أهل هذا القول على أن هذا الواجب قد نسخ بصوم رمضان وأستشكل بأن فرضيته إنما ثبتت بما في هذه الآية فإن كان قد عمل بذلك الحكم مدة مديدة كما قيل به فكيف يكون الناسخ متصلا وإن لم يكن عمل به لا يصح النسخ إذ لا نسخ قبل العمل وأجيب أما على إختيار الأول فبأن الإتصال في التلاوة لا يدل على الإتصال في النزول وأما على إختيار الثاني فبأن الأصح جواز النسخ قبل العمل فتدبر .
وإنتصاب أياما ليس بالصيام كما قيل لوقوع الفصل بينهما بأجنبي بل بمضصمر دل هو عليه أعني صوموا إما على الظرفية أو المفعولية إتساعا وقيل : منصوب بفعل يستفاد من كاف التشبيه وفيه بيان لوجه المماثلة كأنه قيل : كتب عليكم الصيام مماثلا لصيام الذين من قبلكم في كونه أياما معدودات أي المماثلة واقعة بين الصيامين من هذا الوجه وهو تعلق كل منهما بمدة غير متطاولة فالكلام من قبيل زيد كعمرو فقها وقيل : نصب على أنه مفعول ثان لكتب على الإتساع ورده في البحر بأن الإتساع مبني على جواز وقوعه ظرف الكتب وإذا لا يصح لأن الظرف محل الفعل والكتابة ليست واقعة في الأيام وإنما الواقع فيها متعلقها وهو الصيام وأجيب بأنه يكفي للظرفية ظرفية المتعلق كما في يعلم ما في السموات والأرض وبأن معنى كتب فرض وفرضيه الصيام واقعة في الأيام فمن كان منكم مريضا مرضا يعسر عليه الصوم معه كما يؤذن به قوله تعالى فيما بعد : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وعليه أكثر الفقهاء وذهب إبن سيرين وعطاء والبخاري إلى أن المرخص مطلق