كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص ولا يكلمهم الله يوم القيامة أي كلام رحمةكما قال الحسن فلا ينافي سؤاله سبحانه إياهم وقيل : لا يكلمهم أصلا لمزيد غضبه جل جلاله عليهم والسؤال بواسطة الملائكة .
ولا يزكيهم أي لا يطهرهم من دنس الذنوب أو لايثنى عليهم .
ولهم عذاب أليم 471 أي مؤلم وقد جاءت هذه الأخبار مرتبة بحسب المعنى لأنه لما ذكر سبحانه إشتراءهم بذلك الثمن القليل وكان كناية عن مطاعمهم الخبيثة الفانية بدأ أولا في الخبر بقوله تعالى : ما يأكلون في بطونهم إلا النار ثم قابلكتم انهم الحقوعدم التكلم به بقوله تعالى : ولا يكلمهم الله تعالى وإبتنى على كتمانهم وأشترائهم بما أنزل الله تعالى ثمنا قليلا أنهم شهود زور وأحبار سوء آذوا بهذه الشهادة الباطلة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وآلموه فقوبلوا بقوله سبحانه : ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وبدأ أولا بما يقابل فردا فردا وثانيا بما يقابل المجموع أولئك الذين أشتروا بسبب كتمانهم الحق للمطامع الدنية والأغراض الدنيوية الضلالة بالهدى في الدنيا والعذاب بالمغفرة في الآخرة والجملة إما مستأنفة فإنه لما عظم وعيد الكاتمين كان مظنة أن يسأل عن سبب عظم وعيدهم فقيل : إنهم بسبب الكتمان خسروا الدنيا والآخرة وإما خبر بعد خبر لأن والجملة الأولى لبيان شدة وعيدهم وهذه لبيان شناعة كتمانهم .
فما أصبرهم على النار أي ما أشد صبرهم وهو تعجب للمؤمنين من إرتكابهم موجباتها من غير مبالاة وإلا فأي صبر لهم و ما في مثل هذا التركيب قيل : نكرة تامة وعليه الجمهور وقيل : إستفهامية ضمنت معنى التعجب وإليه ذهب الفراء وقيل : موصولة وإليه ذهب الأخفش وحكى عنه أيضا أنها نكرة موصوفة وهي على هذه الأق والفي محل رفع على الإبتداء والجملة خبرها أو خبرها محذوف إن كانت صفة أو صلة وتمام الكلام في كتب النحو ذلك .
أي مجموع ما ذكر من أكل النار وعدم التكليم والتزكية والعذاب المرتب على الكتمان بأن الله نزل الكتاب بالحق .
أي بسبب أن الله تعالى نزل القرآن أو التوراة متلبسا بالحق ليس فيه شائبة البطلان أصلا فرفضوه بالتكذيب أو الكتمان .
وإن الذين أختلفوا في الكتاب .
أي في جنسه بأن آمنوا ببعض كتب الله تعالى وكفروا ببعض أو في التوراة ومعنى أختلفوا نخلفوا عن سلوك طريق الحق فيها أو جعلوا ما بدلوه خلفا عما فيها أو في القرآن وإختلافهم فيه قول بعضهم : إنه سحر وبعضهم إنه شعر وبعضهم إنه أساطير الأولين .
لفي شقاق .
أي خلاف بعيد .
عن الحق موجب لأشد العذاب وهذه الجملة تذييل لما تقدم معطوفة عليه ومن الناس من جعل الواو للحال والسببية المتقدمة راجعة إليها والتذييل أدخل في الذم كما لا يخفى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب .
البر أسم جامع لأنواع الخير والطاعات المقربة إلى الله تعالى والخطاب لأهل الكتابين والمراد من قبل المشرق والمغرب السمتان المعينان فإن اليهود تصلي قبل المغرب إلى بيت المقدس من أفق مكة والنصارى قبل المشرقوالآية