أبو داؤد والترمذي وحسنه عن أبي واقد الليثي قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة وخرج عنها السمك والجراد للحديث الذي أخرجه إبن ماجه والحاكم من حديث إبن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعا أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال وللعرف أيضا فإنه إذا قال القائل : أكل فلان الميتة لم يسبق الوهم إليهما نعم حرم بعضهم ميتة السمك الطافي وما مات من الجراد بغير سبب وعليه أكثر المالكية وأستدل بعموم الآية على تحريم الأجنة وتحريم ما لانفس له سائلة خلافا لمن أباحه من المالكية وقرأ أبو جعفر : الميتة مشددة والدم قيد في سورة الأنعام بالمسفوح وسيأتي وأستدل بعمومه على تحريم نجاسة دم الحوت وما لا نفس له تسيل ولحم الخنزير خص اللحم بالذكر مع أن بقية أجزائه أيضا حرام خلافا للظاهرية لأنه معظم ما يؤكل من الحيوان وسائر أجزائه كالتابع له وقيل : خص اللحم ليدل على تحريم عينه ذكى أو لم يذك وفيه ما لا يخفى ولعل السر في إقحام لفظ اللحم هنا إظهار حرمة ما أستطيبوه وفضلوه على سائر اللحوم وأستعظموه وقوع تحريمه وأستدل أصحابنا بعموم الخنزير على حرمة خنزير البحر وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه : لا بأس به وروى عن الإمام مالك أنه قال له شخص : ما تقول في خنزير البحر فقال : حرام ثم جاء آخر فقال له : ما تقول في حيوان في البحر على صورة الخنزير فقال حلالفقيل لهفي ذلك فقال : إن الله تعالى حرم الخنزير ولم يحرم ما هو على صورته والسؤال مختلف في الصورتين وما أهل به لغير الله أي ما وقع متلبسا به أي بذبحه الصوت لغير الله تعالى واصل الأهلال عند كثير من أهل اللغة رؤية الهلال لكن لما جرت العادة أن يرفع الصوت بالتكبير إذا رؤى سمى بذلك إهلالا ثم قيل لرفع الصوت وإن كان بغيره والمرادبغير اللهتعالى الصنم وغيره كما هو الظاهر وذهب عطاء ومكحول والشعبي والحسن وسعيد بن المسيب إلى تخصيص الغير بالأول وأباحوا ذبيحة النصراني إذا سمى عليها بأسم المسيح وهذا خلاف ما أتفق عليه الأئمة من التحريم وإنما قدم به هنا لأنه أمس بالفعل وأخر في مواضع أخر نظرا للمقصود فيها من ذكر المستنكر وهو الذبح لغير الله عز شأنه فمن أضطرغير باغ بالإستتار على مضطر آخر بأن ينفرد بتناوله فيهلك الآخر ولا عاد أي متجاوز ما يسد الرمق والجوع وهو ظاهر في تحريم الشبع وهو مذهب الأكثرين فعن الإمام أبي حنيفة والشافعي رضي الله تعالى عنهما لا يأكل المضطر من الميتة إلا قدر ما يمسك رمقه لأن الإباحة للإضطرار وقد أندفع به وقال عبدالله بن الحسن العبري : يأكل منها قدر ما يسد جوعته وخالف في ذلك الإمام مالك فقال : يأكل منها حتى يشبع ويتزود فإن وجد غنى عنها طرحها ونقل عن الشافعي أن المراد غير باغ على الوالي ولا عاد بقطع الطريق وجعل من ذلك السفر في معصية فالعاصي في سفره لا يباح له الأكل من هذه المحرمات وهو المروي عن الإمام أحمد أيضا وهو خلاف مذهبنا ويحتاج حكم الرخصة على هذا إلى التقييد بأن لايكون زائدا على قدر الضرورة من خارج وأستدل بعموم الآية على جواز أكل المضطر ميتة الخنزير والآدمي خلافا لمن منع ذلك وقرأ أهل الحجاز والشام والكسائي فمن أضطر بضم النون وأبو جعفر منهم بكسر الطاء من أضطر فلا إثم عليه أي في تناوله بل ربما يأثم بترك التناول إن الله غفور رحيم 371 فلذا أسقط الحرمة في تناوله ورخص وقيل : الحرمة باقية إلا أنه سقط الإثم عن المضطر وغفر له لإضطراره كما هو الظاهر من تقييد الإثم بعليه وأستدل للأول بقوله تعالى : إلا ماأضطررتم إليه حيث أستثنى من الحرمة