والتنصيص على الأمر بالتقول مع دخوله فيما سبق للإهتمام بشأنه ومفعول العلم محذوف أيما لا تعلمونالأذن فيه منه تعالى والتحذير عن ذلك مستلزم للتحذير عن التقول عليه سبحانه بما يعلمون عدم الأذن فيه كما هو حال كثير من المشركين إستلزاما ظاهرا وظاهر الآية المنع من إتباع الظن راسا لأن الظن مقابل للعلم لغة وعرفا ويشكل عليه أن المجتهد يعمل بمقتضى ظنه الحاصل عنده من النصوص فكيف يسوغ إتباعه للمقلد ! وأجيب بأن الحكم المظنون للمجتهد يجب العمل به الدليل القاطع وهو الإجماع وكل حكم يجب العمل به قطعا علم قطعا بأنه حكم الله تعالى : وإلا لم يجب العمل به قطعا وكل ما علم قطعا أنه حكم الله تعالى فهو معلوم قطعا فالحكم المظنون للمجتهد معلوم قطعا وخلاصته أن الظن كاف في طريق تحصيله ثم بواسطة الإجماع على وجوب العمل صار المظنون معلوما وأنقلب الظن علما فتقليد المجتهد ليس من إتباع الظن في شيء وزعم ذلك من إتباع الظن وتحقيقه في الأصول وإذا قيل لهم أتبعوا ما أنزل الله الضمير للناس والعدول عن الخطاب إلى الغيبة للتنبيه على أنهم لفرط جهلهم وحقهم ليسوا أهلا للخطاب بل ينبغي أن يصرف عنهم إلى من يعقله وفيه من النداء لكل أحد من العقلاء على صلالتهم ما ليس إذا خوطبوا بذلك وقيل : الضمير لليهود وإن لم يذكروا بناءا على ما روى عن إبن عباس رضي الله تعالى عنه أن الآية نزلت فيهم لما دعاهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الإسلام وقيل : إنه راجع إلى من يتخذ أو إلى المفهوم من أن الذين يكتمون والجملة مستأنفة بناءا على ما روى أنها نزلت في المشركين وأنت تعلم أن النزول في حق اليهود أو المشركين لا يقتضي تخصيص الضمير بهم وقد شاع أن عموم المرجع لا يقتضي عموم الضمير كما في قوله تعالى : والمطلقات يتربصن وقوله تعالى : وبعولتهن أحق بردهن على أن نظم القرآن الكريم يأبى هذا القيل والموصول إما عام لسائر الأحكام الحقة المنزلة من الله تعالى وإما خاص بما يقتضيه المقام قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أي وجدناهم عليه والظرف إما حال منآبائنا وألفينامتعد إلى واحد وإما مفعول ثان له مقدم على الأول .
أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون 071 جواب الشرط محذوف أيلو كان آباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون إلى الحق لأتبعوهم والواو للحال أو للعطف والجملة الشرطية إما حال عن ضمير قالوا أو معطوفة عليه والهمزة لإنكار مضمون تلك الجملة وهو إلتزامهم الإتباع على تقدير ينافيه وهو كونهم غير عاقلين ولا مهتدين المستلزم لإلتزامهم الإتباع على أي حال كانوا من غير تمييز وعلم بكونهم محقين أو مبطلين وهو التقليد المذموم ويتولد من ذلك الإنكار التعجيب وجوز أن تكون الجملة حالا عن ضمير جملة محذوفة أي أيتبعونهم في حال فرضهم غير عاقلين ولا مهتدين وأن تكون معطوفة على شرط مقدر أييتبعونهم لو لم يكونوا غير عاقلين ولو كانوا غير عاقلين وإلى الأول ذهب الزمخشري وإلى الثاني الجرمي ولا يخفى أنه على تقدير حذف الجملة المتقدمة لا يحتاج إلى القول بحذف الجزاء ولعل ماذكر أولا أولى لما فيه من التحرز عن كثرة الحذف وإبقاء لو على معناها المشهور والهمزة الإستفهامية على أصلهاوهو إيلاء المسئول عنه وكون المعنى يدور على العطف على المحذوف في أمثال ذلك في سائر اللغات غير مسلم وأختار الرضى أن الواو الداخلة على كلمة الشرط في مثل هذا إعتراضية وعني بالجملة الإعتراضية ما يتوسط بين أجزاء الكلام أو يجيء آخره متعلقا به معنى مستأنفا لفظا قيل : وفي الآية دليل