إزديادا وإنتقاصا أو ظلمة ونورا إنما هو بمدخلية سير الفلك وحيلولة جرم الأرض على كيفيتين مخصوصتين ثم عقب ذلك بما يشبه آيتي الليل والنهار السابح كل منهما في لجة بحر فلكه الدوار المسخر بالجريان فيه ذهابا وإيايا بما ينفع الناس في أمر معاشهم وإنتظام أحوالهم وهو الفلك التي تجري على كبد البحر بذلك ويختلف جريانها شرقا وغربا على حسب تسليك المقادير الآلهية في هاتيك المسالك فالآية حينئذ على حد قوله تعالى : وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون .
والشمس تجري المستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم .
والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم .
لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون .
وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون إلا أن الفرق بين الآيتين أن الآيتين في الثانية ذكرتا متوسطتين صريحا بين حديث الفلك وشأن الليل والنهار وفي الأولى تقدم ما يشعر بهما ويشير إليهما ثم عقب ذلك بما يشترك فيه العالم العلوي والعالم السفلي وله مناسبة لذكر البحر بل ولذكر الفلك التي تجري فيه بما ينفع الناس وهو إنزال الماء من السماء ونشر ما كان دفينا في الأرض بالأحياء وفي ذلك النفع التام والفضل العام و من الأولى إبتدائية والثانية بيانية وجوز أن تكون تبعيضية وأن تكون بدلا من الأولى والمراد من السماء جهة العلو وقد تقدم تحقيق ذلك فأحيا به الأرض بتهييج قواها النامية وإظهار ما أودع فيها من أنواع النبات والأزهار والأشجار بعد موتها وعدم ظهور ذلك فيها لإستيلاء اليبوسة عليها حسبما تقتضيه طبيعتها وبث فيها من كل دابة عطف إما على أنزل والجامع كون كل منهما آية مستقلة لوحدانيته تعالى وهو الغرض المسوق له الكلام مع الإشتراك في الفاعل و أحيا من تتمة الأول كان الإستدلال بالإنزال المسبب عنه الأحياء فلا يكون الفصل به مانعا للعطف إما على أحياء فيدخل تحت فاء السببية وسببية إنزال الماء للبث بإعتبار أن الماء سبب حياة المواشي والدوابوالبثفرع الحياة ولا يحتاج إلى تقدير الضمير للربط لإغناء فاء السببية عنه في المشهور وقيل : يحتاج إلى تقدير بهأي بالماءليشعر بإرتباطه ب إنزال إستقلالا ك أحيا وفاء السببية لا تكفي في دلك إذ يجوز أن يكون السبب مجموعهما وحديث أن المجرور إنما يحذف إن جر الموصول بمثله أكثرى لا كلي و من بيانية على التقدير الأول على الصحيح والمراد من كل دابة كل نوع من الدواب ومعنى بثها تكثيرها بالتوالد والتولد فالإستدلال بتكثير كل نوع مما يدب على الأرض وعدم إنحصاره في البعض وقيل : تبعيضية لأن الله تعالى لم يثب إلا بعض الأفراد بالنسبة إلى ما في قدرته على أنه أثبت الزمخشري دواب في السماء أيضا في سورة حمعسق وفيه أن بث كل نوع مما يدب على الأرض لا ينافي كون بعض أفراده مقدرا ولا وجوده في السماء على أن مدلول التبعيضيةكون شيء جزءا من مدخولها لافردا منه وزائدة على التقدير الثاني لعدم تقدم المبين وعدم صحة التبعيض وهي زيادة في الإثبات لم يجوزها سوى الأخفش وتصريف الرياح .
أي تقليب الله تعالى لها جنوبا وشمالا وقبولا ودبورا حارة وباردة وعاصفة ولينة وعقيما ولواقح وتارة بالرحمة ومرة بالعذاب وقرأ حمزة والكسائي الريح على الأفراد وأريد به الجنس وعن إبن عباس رضي الله تعالى عنهماالرياحللرحمة والريح للعذاب وروى أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان إذا هبت ريح قال : اللهم أجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا ولعله قصد بالأول والثاني قوله تعالى : ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وقوله تعالى : وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم