أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين 161 المراد إستمرار ذلك ودوامه فهذا الحكم غير ما سبق إذ المراد منه حدوث اللعنة ووقوعها عليهم وليس المقصود من ذكرالملائكة والناس التخصيص لينافي العموم السابق ولا العموم ليرد خروج المهيمين الذين لا شعور لهم بذواتهم وكثير من الأتقياء الذين لا يلعنون أحدا بل المقصود أنه يلعنهم هؤلاء المعتدون من خلفه وأجمعين تأكيد بالنسبة إلى الكل لا للناس فقط والمراد بهم المؤمنون لأنهم المعتدون منهم والكفار كالأنعام لأنه لا يحسم مادة الأشكال وقيل : إنه باق على عمومه والكفار يلعن بعضهم بعضا يوم القيامة أو الجملة مساقة للأخبار بإستحقاق أولئك اللعن من العموم لا بوقوعه بالفعل ولم يكرر اللعنة هنا كما كرر الفعل قبل إكتفاءا به وإفتنانا في النظم الكريم ومناسبة لما يشعر به التأكيد وقرأ الحسن والملائكة والناس أجمعون بالرفع وخرج على وجوه فقيل : عطف على لعنة بتقدير لعنة الله ولعنة الملائكة فحذف المضاف من الثاني وأقيم المضاف إليه مقامه وقيل : مبتدأ محذوف الخبر أي والملائكة والناس يلعنونهم أو فاعل لفعل محدوف أي يلعنهم وقيل إن لعنة مصدر مضاف إلى فاعله والمرفوع معطوف على محله وقد أتبعت العرب فاعل المصدر على محله رفعا كقوله : .
مشى الهلوك عليها الخيعل الفضل .
برفع الفضل وهو صفة للهلوك على الموضع وإذا ثبت في النعت جاز في العطف إذ لا فارق بينهما وأدعى أبو حيان عدم الجواز لأن شرط العطف على الموضع أن يكون ثمت طالب ومحرز للموضع لا يتغير وأيضا لعنة وإن سلم مصدريته فهو إنما يعمل إذا إنحل لأن والفعل وهنا المقصود الثبوت فلا يصح إنحلاله لهما وسلمه له غيره وقالوا : إنه مذهب سيبويه خالدين فيها أي في اللعنة وهو يؤكد ما تفيده أسمية الجملة من الثبات وجوز رجوع الضمير إلى النار والإضمار قبل الذكر يدل على حضورها في الذهن المشعر بالإعتناء المفضي إلى التفخيم والتهويل وقيل : إن اللعن يدل عليها إذ إستقرار الطرد عن الرحمة يستلزم الخلود في النار خارجا وذهنا والموت على الكفر وإن أستلزم ذلك خارجا لكنه لا يستلزمه ذهنا فلا يدل عليه و خالدين على كلا التقديرين في المرجع حال مقارن لإستقرار اللعنة لا كما قيل : إنه على الثاني حال مقدرة .
لا يخفف عنهم العذاب .
إما مستأنف لبيان كثرة عذابهم من حيث الكيف إثر بيان كثرته من حيث الكم وإما حال من ضمير عليهم أيضا أو من ضمير خالدين .
ولا هم ينظرون 261 .
عطف على ما قبله جار فيه ما جرى فيه وإيثار الجملة ألاسمية لإفادة دوام النفي وإستمراره والفعل إما من الإنظار بمعنى التأخير أي لا يمهلون عن العذاب ولا يؤخرون عنه ساعة وإما من النظر بمعنى الإنتظار أي لا ينتظرون ليعتذروا وإما من النظر بمعنى الرؤية أيلا ينظر الله تعالى إليهم نظر رحمة والنظر بهذا المعنى يتعدى بنفسه أيضا كما في الأساس فيصاغ منه المجهول .
وإلهكم إله واحد .
نزلت كما روى عن إبن عباس لما قال كفار قريش للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : صف لنا ربك والخطاب عام لكل من يصح أن يخاطب كما هو الظاهر غير مختص بشأن النزول والجملة معطوفة على إن الذين يكتمون عطف القصة على القصة والجامع أن الأولى مسوقة لإثبات نبوته صلى الله تعالى عليه وسلم وهذه لإثبات وحدانيته تعالى وقيل : الخطاب للكاتمين وفيه إنتقال عن زجرهم عما يعاملون رسولهم إلى زجرهم عن معاملتهم ربهم حيث يكتمون وحدانيته ويقولون : عزير وعيسىإبنا لله D وفيه أنه وإن حسن الإنتظام إلا أنه فيه خروج شأن النزول عن الآية وهو باطل وإضافة إله إلى ضمير المخاطبين بإعتبار الإستحقاق لا بإعتبار الوقوع فإن الآلهة الغير المستحقة كثيرة وإعادة