أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من ثمر الجنةأوشجر الجنة ولا ما أخرجه مسلم في صحيحه عن إبن مسعود مرفوعا إن أرواح الشهداء عند الله في حواصل طيور خضر تسرح في أنهار الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل تحت العرش لأن كونها في الأجواف أو في الحواصل يجامع كونها في تلك الصور إذ الرائي لا يرى سواها وقيل : جسد آخر على صور أبدانهم في الدنيا بحيث لو رأى الرائي أحدهم لقال : رأيت فلاناوإلى ذلك ذهب بعض الإماميةوأستدلوا بما أخرجه أبو جعفر مسندا إلى يونس إبن ظبيان قال : كنت عند أبي عبدالله جالسا فقال : ما تقول الناس في أرواح المؤمنين قلت : يقولون : في حواصل طير خضر في قناديل تحت العرش فقال أبو عبدالله : سبحان الله ! المؤمن أكرم على الله تعالى من أن يجعل روحه في حوصلة طائر أخضر يؤنس المؤمن إذا قبضه الله تعالى صير روحه في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا ووجه الإستدلال إذا كان المراد بالمؤمنين الشهداء ظاهر وأما إذا كان المراد بهم سائر من آمن فيعلم منه حال الشهداء وأن أرواحهم ليست في الحواصل بطريق الأولى وعندي أن الحياة في البرزخ ثابتة لكل من يموت من شهيد وغيره وأن الأرواح وإن كانت جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن لكن لا مانع من تعلقها ببدن برزخي مغاير لهذا البدن الكثيف وليس ذلك من التناسخ الذي ذهب إليه أهل الضلال وإنما يكون منه لو لم تعد إلى جسم نفسها الذي كانت فيه والعود حاصل في النشأة الجنانية بل لو قلنا بعدم عودها إليه وألتزمنا العود إلى جسم مشابه لما كان في الدنيا مشتمل على الأجزاء النطقية الأصلية أو غير مشتمل لا يلزم ذلك التناسخ أيضا لأنهم قالوه على وجه نفوا به الحشر والمعاد وأثبتوا فيه سرمدية عالم الكون والفساد وأن أرواح الشهداء يثبت لها هذا التعلق على وجه يمتازون به عمن عداهم إما في أصل التعلق أو في نفس الحياة بناءا على أنها من المشكك لا المتواطيء أو في نفس المتعلق به مع ما ينضم إلى ذلك من البهجة والسرور والنعيم اللائق بهم والذي يميل القلب إليه أن لهاتيك الأبدان شبها تاما صوريا بهذه الأبدان وأن المواد مختلفة والأجزاء متفاوتة إذ فرق بين العالمين وشتان ما بين البرزخين ويمكن حمل أحاديث الطير على تشبيه هذه الأبدان الغضة الطرية بسرعة حركتها وذهابها حيث شاءت بالطير الخضر وتحمل الصورة على الصفة كما حملت على ذلك في حديث خلق آدم على صورة الرحمن وإستبعاد أبي عبدالله رضي الله تعالى عنه ما تقدم محمول على ما يفهمه العامة من ظاهر اللفظ ولمزيد الإيضاح اللائق بعوام وقته عدل عنه إلى عبارة لا يتراءى منها شائبة إستبعاد كما يتراءى من ظاهر الحديث حتى أن بعض العلماء لذلك حملوا في فيه علىعلىوهو إما تجاهل أو جهل بأن صغر المتعلق أو ضيقه لو كان موجودا فيما نحن فيه لا يضر الروح شيئا ولا ينافي نعيمها أو ظن بأن لتلك الصورة روحا غير روحالشهيدفلا يمكن أن تتعلق بها روحان والأمر على خلاف ما يظنون وإن شئت قلت بتمثل الروح نفسها صورة لأن الأرواح في غاية اللطافة وفيها قوة التجسد كما يشعر به ظهور الروح الأمين عليه السلام بصورة دحية الكلبي رضي الله تعالى عنه وأما القول بحياة هذا الجسد الرميم مع هدم بنيته وتفرق أجزائه وذهاب هيئتهوإن لم يكن ذلك بعيدا عن قدرة من يبدأ الخلق ثم يعيده لكن ليس إليه كثير حاجة ولا فيه مزيد فضل ولا عظيم منة بل ليس فيه سوى إيقاع ضعفة المؤمنين بالشكوك والأوهام وتكليفهم من غير حاجة بالإيمان بما يعدون قائله من سفهة الأحلام وما يحكي من