في أستبقوا إما عام للمؤمنين والكافرين وإما خاص بالمؤمنين فعلى الأول يراد هنا العموم أي في أي موضع تكونوا من المواضع الموافقة للحق أو المخالفة له وعلى الثاني الخصوصأي أينما تكونوا في الصلاة أيها المؤمنون من الجهات المتقابلة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا بعد أن تولوا جهة الكعبة يجعل الله تعالى صلاتكم كأنها إلى جهة واحدة لإتحادكم في الجهة التي أمرتم بالإتجاه إليهاوليس بشيء كما لا يخفى إن الله على كل شيء قدير 841 ومن ذلك إماتتكم وإحياؤكم وجمعكم والجملة تذييل وتأكيد لما تقدم .
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام عطف على فأستبقوا وحيث ظرف لازم الإضافة إلى الجمل غالبا والعامل فيها ما هو في محل الجزاء لا الشرط فهي هنا متعلقةبولوالفاء صلة للتنبيه على أن ما بعدها لازم لما قبلها لزوم الجزاء للشرط لأنحيثوإن لم تكن شرطية لكنها لدلالتها على العموم أشبهت كلمات الشرط ففيها رائحة الشرط ولا يجوز تعلقها بخرج تلفظا وإن كانت ظرفا له معنى لئلا يلزم عدم الإضافة والمعنى من أي موضع خرجت فول وجهك من ذلك الموضع شطر إلخ ومن إبتدائية لأن الخروج أصل لفعل ممتد وهو المشي وكذا التولية أصل للإستقبال وقت الصلاة الذي هو ممتد وقيل : إن حيث متعلقة بول والفاء ليست زائدة وما بعدها يعمل فيما قبلها كما بين في محله إلا أنه لا وجه لإجتماع الفاء والواو فالوجه أن يكون التقدير أفعل ما أمرت به من حيث خرجت فول فيكون فول عطفا على المقدر ويجوز أن يجعل من حيث خرجت بمعنى أينما كنت وتوجهت فيكون فول جزاءا له على أنها شرطية العامل فيها الشرط ولا يخفى ما فيه من التكلف والتخريج على قول ضعيف لم يذهب إليه إلا الفراء وهو شرطية حيث بدون ما حتى قالوا : إنه لم يسمع في كلام العرب ثم الأمر بالتولية مقيد بالقيام إلى الصلاة للإجماع على عدم وجوب إستقبال القبلة في غير ذلك .
وإنه أي الإستقبال أو الصرف أو التولية والتذكير بإعتبار أنها أمر من الأمور أو لتذكير الخبر أو لعدم الإعتداد بتأنيث المصدر أو بذي التاء الذي لا معنى للمجرد عنه سواء كان مصدرا أو غيره وإرجاع الضمير للأمر السابق واحد الأوامر على قربه بعيد للحق من ربك أي الثابت الموافق للحكمة .
وما الله بغافل عما تعملون 941 فيجازيكم بذلك أحسن الجزاء فهو وعيد للمؤمنين وقريء يعملون على صيغة الغيبة فهو وعيد للكافرين والجملة عطف على ما قبلها وهما إعتراض للتأكيد .
ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره معطوف على مجموع قوله تعالى : ولكل وجهة إلخ أو على قوله تعالى : قد نرى تقلب وجهك إلخ عطف القصة على القصة وليس معطوفا على قوله تعالى : ومن حيث خرجت الداخل تحت فاء السببية الدالة على ترتبه على قوله تعالى : ولكل وجهة لأنه معلل بقوله تعالى : لئلا يكون للناس عليكم حجة وهو وإن كان علةلولوالا لمحذوف أي عرفناكم وجه الصواب في قبلتكم والحجة في ذلك كما قيل به : إلا أنه يفهم منه كونه علة لول لأن إنقطاع الحجة بالتولية إذا حصل للأمة كان حصوله بها للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بطريق الأولى ولو جعل الخطاب عاما للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم والأمة ولم يلتزم تخصيصه بالأمة على حد خطابات الآية كان علة لهما وإنما كرر هذا الحكم لتعدد علله والحصر المستفاد من إلا لنعلم إلخ إضافي