إلى أن يجيء الوقت الذي قدره الملك الجبار لانتصار المظلوم وغلبته وفيه أنه لا محصل له مالم يلاحظ قدرة الفاعل لذلك وقيل : يجوز أن تكون الإشارة إلى الإتصاف بالعفو والغفران أي ذلك الإتصاف بسبب انه تعالى لم يؤاخذ الناس بذنوبهم فيجعل الليل والنهار سرمدا فتتعطل المصالح وفيه أنه مع كونه لا يناسب السياق غير ظاهر لا سيما إذا لوحظ عطف قوله تعالى وأن الله سميع بصير على مدخول الباء فيما قبل نعم الإشارة إلى الإتصاف في قوله تعالى ذلك بأن الله هو الحق فالمعنى ذلك الإتصاف بكمال القدرة الدال عليه قوله تعالى يولج الليل في النهار الخ وكمال العلم الدال عليه سميع بصير بسبب أن الله تعالى الواجب لذاته الثابت في نفسه وحده فإن وجوب وجوده ووحدته يستلزمان أن يكون سبحانه هو الموجد لسائر المصنوعات ولا بد في إيجاده لذلك حيث كان على أبدع وجه وأحكمه من كمال العلم على ما بين في موضعه وقيل : إن وجوب الوجود وحده متكفل بكل كمال حتى الوحدة أو المعنى ذلك الإتصاف بسبب أن الله تعالى الثابت الآلهية وحده ولا يصلح لها إلا من كان كامل القدرة كامل العلم وأن ما يدعون من دونه إلها هو الباطل أي المعدوم في حد ذاته أو الباطل الإلهية والحصر يحتمل أن يكون غير مراد وإنما جيء به للمشاكلة ويحتمل أن يكون مرادا على معنى أن جميع ما يدعون من دونه هو الباطل لا بعضه دون بعض : وقيل هو باعتبار كمال بطلانه وزيادة هو هنا دون ما في سورة لقمان من نظير هذه الآية لأن ما هنا وقع بين عشر آيات كل آية مؤكدة مرة أو مرتين ولهذا أيضا زيدت اللام في قوله تعالى الآتي وإن الله لهو الغني الحميد دون نظيره في تلك السورة ويمكن أن يقال تقدم في هذه السورة ذكر الشيطان فلهذا ذكرت هذه المؤكدات بخلاف سورة لقمان فإنه لم يتقدم ذكر الشيطان هناك بنحو ما ذكر ههنا قاله النيسابوري ويجوز أن يكون زيادة هو في هذا الموضع لأن المعلل فيه أزيد منه في هذا الموضع فتأمل وأن الله هو العلي على جميع الأشياء الكبير .
62 .
- عن أن يكون له سبحانه شريك لا شيء أعلى منه شأنا وأكبر سلطانا .
وقرأ الحسن وأن ما بكسر الهمزة وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو بكر تدعون بالتاء على خطاب المشركين وقرأ مجاهد واليماني وموسى الأسواري يدعون بالياء التحتية مبنيا للمفعول على أن الواو لما فإنه عبارة عن الآلهة وأمر التعبير عنها بما ثم إرجاع ضمير العقلاء إليها ظاهر فلا تغفل .
ألم تر أن الله أنزل من السماء أي من جهة العلو ماء أي ألم تعلم ذلك وجوز كون الرؤية بصرية نظرا للماء المنزل والإستفهام للتقرير وقوله تعالى فتصبح الأرض مخضرة أي فتصير وقيل تصبح على حقيقتها والحكم بالنظر إلى بعض الأماكن تمطر السماء فيها ليلا فتصبح الأرض مخضرة والأول أولى عطف على أنزل والفاء مغنية عن الرابط فلا حاجة إلى تقدير بإنزاله والتعقيب عرفي أو حقيقي وهو إما باعتبار الإستعداد التام للإخضرار أو باعتباره نفسه وهو كما ترى وجوز أن تكون الفاء لمحض السبب فلا تعقيب فيها والعدول عن الماضي إلى المضارع لإفادة بقاء أثر المطرز زمانا بعد زمان كما تقول : أنعم على فلان عام كذا فأروح وأغدوا شاكرا له ولو قلت : فرحت وغدوت لم يقع ذلك الموقع أو لاستحضار الصورة البديعة ولم ينصب الفعل في جواب الإستفهام هنا في شيء من القراءات فيما نعلم وصرح غير واحد بامتناعه ففي البحر أنه