الكثيرة والذين كفروا وكذبوا بآياتنا وهم الذين لا يزالون في مرية من ذلك وفي متعلق الكفر احتمالات كاحتمالات متعلق الإيمان وزيادة وهي احتمال أن يكون متعلقة الآيات والظاهر أن المراد باها الآيات التنزيلية وجوز أن يراد بها الأدلة وأن يراد بها العم ويتحصل مما ذكر خمسة عشر احتمالا في الآية ولعل أولاها ما قرب به العطف إلى التأسيس فتأمل والموصول مبتدأ أول وقوله تعالى فأولئك مبتدأ ثان وهو إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما حيز الصلة وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد المنزلة في الشر والفساد .
وقوله سبحانه لهم عذاب جملة إسمية من مبتدأ وخبر مقدم عليه وقعت خبرا للمبتدا الثاني أو لهم خبر له و عذاب مرتفع على الفاعلية بالإستقرار في الجار والمجرور لاعتماده على المبتدأ وجملة المبتدا الثاني وخبره للمبتدأ الأول وتصديره بالفاء قيل للدلالة على أن تعذيب الكفار بسبب قبائحهم ولذا جيء بأولئك .
وقيل لهم عذاب بلام الإستحقاق وكان الظاهر في هذاب كما قيل في جنات وجعل تجريد خبر الموصول الأول عنها للإيذان بأن إثابة المؤمنين بطريق التفضل لا لإيجاب محاسنهم إياها ولا ينافي ذلك قوله تعالى فلهم أجر غير ممنون ونحوه لأنها بمقتضى وعده تعالى على الإثابة عليها قد تجعل سببا وقيل جيء بالفاء لأن الكلام لخروجه مخرج التفصيل بتقدير أما فكأنه قيل : فأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك الخ وليس بشيء لأن ذلك يقتضي تقدير أما في قوله تعالى فالذين آمنوا الخ ولا يتسنى فيه لعدم الفاء في الخبر وقوله تعالى مهين .
57 .
- صفة مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة ولم يتعرض لوصف هؤلاء الكفرة بعمل السيئات كما تعرض لوصف المؤمنين بعمل الصالحات قيل لظهور عدم اتصافهم بغيره أعني العمل الصالح الذي شرعه الله تعالى على لسان الرسول عليه السلاة والسلام بعد كفرهم وتكذيبهم بالآيات وقيل مبالغة في تهويل أمر الكفر حيث أخبر سبحانه أن للمتصف به دون عمل السيئات عذابا مهينا ولو تعرض لذلك لأفاد أن ذلك العذاب للمتصف بالمجموع فيضعف التهويل والقول بأن المراد من التكذيب بالآيات عمل السيئات أو في الكلام صنعة الإحتباك والأصل فالذين آمنوا وصدقوا بآتنا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا وعملوا السيئات فأولئك لهم عذاب مهين خلاف الزاهر كما لا يخفى .
والذين هاجروا في سبيل الله أي في الجهاد حسبما يلوح به قوله تعالى ثم قتلوا أو ماتوا أي في تضاعيف المهاجرة وقرأ ابن عامر قتلوا بالتشديد وحمل الموصول الرفع على الإبتداء وقوله تعالى ليرزقنهم الله جواب لقسم محذوف والجملة خبره على الأصح من جواز وقوع القسم وجوابه خبرا ومن منع أضمر قولا هو الخبر والجملة محكية به وقوله سبحانه رزقا حسنا إما مفعول ثان ليرزق على أنه من باب النقض والذبح أي مرزوقا حسنا أو مصدر مبين للنوع والمراد به عند بعض ما يكون للشهداء في البرزخ من الرزق ويؤيده ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردوية عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول من مات مرابطا أجرى عليه الرزق وأمن من الفتانين واقرؤا إن شئتم والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا إلة قوله تعالى حليم وقد نص سبحانه في آية أخرى على الذين يقتلون في سبيل الله تعالى أحياء