جديدا في نفسه كإسماعيل عليه السلام إذ بعث لجرهم أولا والنبي يعمه ومن بعث بشرع غير جديد كذلك وقيل : الرسول ذكر حر له تبليغ في الجملة وإن كان بيانا وتفصيلا لشرع سابق والنبي من أوحى إليه ولم يؤمر بتبليغ أصلا أو أعم منه ومن الرسول وقيل : الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة كتابا منزلا عليه والنبي غير الرسول من لا كتاب له وقيل : الرسول من له كتاب أو نسخ في الجملة والنبي من لا كتاب له ولا نسخ وقيل من يأتيه الملك عليه السلام بالوحي يقظة والنبي يقال له ولمن يوحى إليه في المنام لا غير : وهذا أغرب الأقوال ويقتضي أن بعض الأنبياء عليه السلام لم يوح إليه إلا مناما وهو بعيد ومثله لا يقال بالرأي .
وأنت تعلم أن المشهور أن النبي في عرف الشرع أعم من الرسول فإنه من أوحى إليه سواء أمر بالتبليغ أم لا والرسول من أوحي إليه وأمر بالتبليغ ولا يصح إرادة ذلك لأنه إذا قوبل العام بالخاص يراد بالعام ما عدا الخاص فمتى أريد بالنبي ما عدا الرسول كان المراد به من لم يؤمر بالتبليغ وحيث تعلق به الإرسال صار مأمورا بالتبليغ فيكون رسولا فلم يبق في الآية بعد تعلق الإرسال رسول ونبي مقابل له فلا بد لتحقيق المقابلة أن يراد بالرسول من بعث بشرع جديد وبالنبي من بعث لتقرير شرع من قبله أو يراد بالرسول من بعث بكتاب وبالنبي من بعث بغير كتاب أو يراد نحو ذلك مما يحصل به المقابلة مع تعلق الإرسال بهما والتمني على ما قال أبو مسلم نهاية التقدير ومنه المنية وفاة الإنسان للوقت الذي قدره الله تعالى والأمنية على ما قال الراغب الصورة الحاصلة في النفس من التمني وقال غير واحد : التمني القراءة وكذا الأمنية وأنشدوا قبول حسان في عثمان رضي الله تعالى عنهما : تمنى كتاب الله أول ليلة تمني داود الزبور على رسل وفي البحر أن ذلك راجع إلى الأصل المنقول عن أبي مسلم فإن التالي يقدر الحروف ويتصورها فيذكرها شيئا فشيئا والمراد بذلك هنا عند كثير القراءة والآية مسوقة لتسلية النبي صلى الله عليه وسلّم بأن السعي في إبطال الآيات أمر معهود وأنه لسعي مردود والمعنى وما أرسلنا من قبلك رسول ولا نبيا إلا وحاله أنه إذا قرأ شيئا من الآيات ألقى الشيطان الشبه والتخيلات فيما يقرؤه على أوليائه ليجادلوه بالباطل ويردوا ما جاء به كما قال تعالى وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وقال سبحانه وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا وهذا كقولهم عند سماع قراءة الرسول A حرم عليكم الميتة إنه يحل ذبيح نفسه ويحرم ذبيح الله تعالى وقولهم على ما في بعض الروايات عند سماع قراءته E إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم إن عيسى عبد من دون الله تعالى والملائكة عليهم السلام عبدوا من دون الله تعالى فينسخ الله ما يلقي الشيطان أي فيبطل ما يلقيه من تلك الشبه ويذهب به بتوفيق النبي A لرده أو بإنزال ما يرده ثم يحكم الله آياته أي يأتي بها محكمة مثبتة لا تقبل الرد بوجه من الوجوه و ثم للتراخي التربي فإن الإحكام أعلا رتبة من النسخ وصيغة المضارع في الفعلين للدلالة على الإستمرار التجددي وإظهار الجلالة في موقع الإضمار لزيادة التقرير والإيذان بان الألوهية من موجبات أحكام آياته تعالى الباهرة ومثل ذلك في زيادة التقرير إظهار الشيطان والله عليم مبالغ في العلم بكل ما من شأنه أن يعلم ومن جملته ما يصدر من الشيطان وأوليائه حكيم .
52 .
- في كل