فيه وله ومعه وأن ذكر عيره بتبعية ذكره فالمعنى أنه تعالى ناصر لرسوله صلى الله عليه وسلّم في الدنيا بإعلاء كلمته وإظهار دينه وفي الآخرة بإعلاء درجته وإدخال من صدقه جنات تجري من تحتها الأنهار والإنتقام ممن كذبه وأذاقته عذاب الحريق لا يصرفه سبحانه عن ذلك صارف ولا يعطفه عنه عاطف فمن كان يغيظه ذلك من أعاديه وحساده ويظن أن لن يفعله تعالى بسبب مدافعته ببعض الأمور ومباشرة ما يرده من المكايد فليبالغ في استفراغ المجهود وليتجاوز في الجد كل حد معهود فقصارى أمره خيبة مساعيه وعقم مقدماته ومباديه وبقاء ما يغيظ على حاله ودوام شجوه وبلباله وقد وضع مقام هذا الجزاء .
قوله سبحانه فليمدد بسبب الخ أي فليمدد حبلا إلى السماء أي إلى سقف بيته كما أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك ثم ليقطع أي ليختنق كما فسره بذلك ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من قطع إذا اختنق كان أصله قطع نفسه بفتحتين أو أجله ثم ترك المفعول نسيا منسيا فصار بمعنى اختنق لازم خنقه وذكورا أن قطع النفس كناية عن الإختناق وقيل المعنى ليقطع الحبل بعد الإختناق على أن المراد به فرض القطع وتقديره كما أن المراد بالنظر في قوله تعالى : فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ .
15 .
- تقدير النظر وتصويره وإلا فبعد الإختناق لا يتأتى منه ذلك أي فليقدر في نفسه النظر هل يذهبن كيده غيظه أو الذي يغيظه من النصر ويجوز أن يراد فلينظر الآن أنه إن فعل ذلك هل يذهب ما يغيظه وجوز أن يكون المأمور بالنظر غير المأمور الأول ممن يصح منه النظر وأن يكون الكلام خارجا مخرج التهكم كما قيل إن تسمية فعله ذلك كيدا خارجا هذا المخرج وقال جمع : إن إطلاق الكيد على ذلك لشبهه به فإن الكائد إذا كاد أتى بغاية ما يقدر عليه وذلك الفعل غاية ما يقدر عليه ذلك العدو الحسود ونقل عن ابن زيد أن المعنى فليمدد حبلا إلى السماء المظلة وليصعد عليه ثم ليقطع الوحي عنه A وقيل : ليقطع المسافة حتى يبلغ عنان السماء فيجهد في دفع نصره E النازل من جهتها وتعقبه المولى أبو السعود بأنه يأباه مسارق النظ الكريم بيان أن الأمور المفروضة على تقدير وقوعها وتحققها بمعزل من إذهاب ما يغيظ ومن البين أن لا معنى لفرض وقوع الأمور الممتنعة وترتيب الأمر بالنظر عليه لاسيما قطع الوحي فإن فرض وقوعه مخل بالمرام قطعا ونوقش في ذلك بما لا يخفى على الناظر نعم المعنى السابق هو الأولى وأياما كان فمن يظن ذلك هم الكفرة الحاسدون صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل : أعراب من أسلم وغطفان تباطؤا عن الإسلام وقالوا : نخاف أن لا ينصر محمد E فينقطع ما بيننا وبين حلفائنا من يهود فلا يقرونا ولا يؤونا وقيل : قوم من المسلمين كانوا لشدة غيظهم من المشركين يستبطئون ما وعد الله تعالة ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم من النصر والمعنى عليه وكذا على سابقه أن قيل إن أولئك الأعراب كانوا يستبطئون النصر أيضا من استبطأ نصر الله تعالى وطلبه عاجلا فليقتل نفسه لأن له وقتا اقتضت الحكمة وقوعه فيه فلا يقع في غيره وأنت تعلم بعد هذين القولين وأن ثانيهما أبعد .
واستظهر أبو حيان كون ضمير ينصره عائدا على من لأنه المذكور وحتى الضمير أن يعود على مذكور وهو قول مجاهد وإليه ذهب بعضهم وفسر النصر بالرزق قال أبو عبيدة : وقف علينا سائل من بني بكر فقال : من ينصرني نصره الله تعالى وقالوا : أرض منصورة أي ممطورة وقال الفقعسي :