والفاء للدلالة على أن ما قبلها موجب لما بعدها قالوا : فيه دلالة على أن صفة الوحدانية يصح أن يكون طريقها السمع بجلاف إثبات الواجب فإن طريقه العقل لئلا يلزم الدور .
قال في شرح المقاصد : إن بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وصدقهم لا يتوقف على الوحدانية فيجوز التمسك بالأدلة السمعية كإجماع الأنبياء عليهم السلام على الدعوة إلى التوحيد ونفي الشريك وكالنصوص القطعية من كتاب الله تعالى على ذلك وما قيل إن التعدد يستلزم الإمكان لما عرفت من أدلة التوحيد وما لم تعرف أن الله تعالى واجب الوجود خارج عن جميع الممكنات لم يتأت إثبات البعثة والرسالة ليس بشيء لأن غاية استلزام الوجوب الوحدة لا استلزام معرفته معرفتها فضلا عن التوقف وسبب الغلط عدم التفرقة بين ثبوت الشيء والعلم بثبوته انتهى .
وتفريع الإستفهام هنا صريح في ثبوت الوحدانية بما ذكر وقول صاحب الكشف : إن الآية لا تصلح دليلا لذلك لأنه إنما يوحى إليه صلى الله عليه وسلّم ذلك مبرهنا لا على قانون الخطابة فلعل نزولها كان مصحوبا بالبرهان العقلي ليس بشيء لظهور أن التفريع على نفس هذا الموحي وكون نزوله مصحوبا بالبرهان العقلي والتفريع باعتباره غير ظاهر فإن تولوا عن الإسلام ولم يلتفتوا إلى ما يوجبه فقل لهم آذنتكم أي أعلمتكم ما أمرت به أو حربي لكم والإيذان إفعال من الإذن وأصله العلم بالإجازة في شيء وترخيصه ثم تجوز به عن مطلق العلم وصيغ منه الأفعال وكثيرا ما يتضمن معنى التحذير والإنذار وهو يتعدى لمفعولين الثاني منهما مقدر كما أشير إليه وقوله تعالى على سواء في موضع الحال من المفعول الأول أي كائنين على سواء في الإعلام بذلك لم أخص أحدا منكم دون أحد وجوز أن يكون في موضع الحال من الفاعل والمفعول معا أي مستويا أنا وأنتم في المعاداة أو في العلم بما أعلمتكم به من وحدانية الله تعالى لقيام الأدلة عليه وقيل ما أعلمهم A به يجوز أن يكون ذلك وأن يكون وقوع الحرب في البين واستوائهم في العلم بذلك جاء من إعلامهم به وهم يعلمون أنه E الصادق الأمين وإن كانوا يجحدون بعض ما يخبره عنادا فتدبر .
وجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع الصفة لمصدر مقدم أي إيذانا على سواء وأن يكون في موضع الخبر لأن مقدرة أي أعلمتكم أني على سواء أي عدل واستقامة رأي بالبرهان النير وهذا خلاف المتبادر جدا .
وفي الكشاف أن قوله تعالى آذنتكم الخ استعارة تمثيلية شبه بمن بينه وبين أعدائه هدنة فأحسن بغدرهم فنبذ إليهم العهد وشهر النبذ وأشاعه وآذنهم جميعا بذلك وهو من الحسن بمكان وإن أدري أي ما أردي أقريب أم بعيد ما توعدون .
109 .
- من غلبة المسلمين عليكم وظهور الدين أو الحشسر مع كونه آتيا لا محالة والجملة في موضع نصب بأدري ولم يجيء التركيب أقريب ما توعدون أم بعيد لرعاية الفواصل .
إنه يعلم الجهر من القول أي ما تجهرون به من الطعن في الإسلام وتكذيب الآيات التي من جملتها ما نطق بمجيء الموعود ويعلم ما تكتمون .
110 .
- من الأحن والأحقاد للمسلمين فيجازيكم عليه نقيرا وقمطيرا وإن أدري لعله فتنة لكم أي ما أدري لعل تأخير جزائكم استدراج لكم وزيادة في