بالصحف فإذا مات الإنسان وقع كتابه إليه فطواه ورفعه إلى يوم القيامة واللام على هذا قيل متعلقة بطي وقيل سيف خطيب وكونها بمعنى على كما ترى واعترض هذا القول بأنه لا يحسن التشبيه عليه إذ ليس المشبه به أقوى ولا أشهر وأجيب بأنه أقوى نظرا لما في أذهان العامة من قوة الطاوي وضعف المطوي وصغر حجمه بالنسبة للسماء أي نظرا لما في أذهانهم من مجموع الأمرين فتأمل وأخرج أبو داود والنسائي وجماعة منهم البيهقي في سننه وصححه عن ابن عباس أن السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلّم وأخرج جماعة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما نحوه وضعف ذلك بل قيل إنه قول واه جدا لأنه لم يعرف أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم اسمه السجل ولا حسن للتشبيه عليها أيضا وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الرجل زاد ابن مردوية بلغة الحبشة ونقل ذلك عن الزجاج وقال بعضهم : يمكن حمل الرواية السابقة عن ابن عباس على هذا والأكثر على ما قيل على تفسير السجل بالصحيفة واختلف في أنه عربي أو معرب فذهب البصريون إلى أنه عربي وقال أبو الفضل الرازي : الأصح أنه فارسي معرب هذا ثم أن الآية نص في دثور السماء وهو خلاف ما شاع عن الفلاسفة نعم ذكر صدر الدين الشيرازي في كتابه الأسفار أن مذهب أساطبن الفلاسفة المتقدمين القول بالدثور والقول بخلاف ذلك إنما هو لمتأخريهم لقصور أنظارهم وعدم صفاء ضمائرهم فمن الأساطين انكسيمائس الملطي قال : إنما ثبات هذا العالم بقدر ما فيه من قليل نور ذلك العالم وأراد به عالم المجردات المحضة وإلا لما ثبت طرفة عين ويبقى ثباته إلى أن يصفي جزؤه الممتزج جزأها المختلط فإذا صفى الجزآن عند ذلك دثرت أجزاء هذا العالم وفسدت وبقيت مظلمة وبقيت الأنفس الدنسة في هذه الظلمة لا نور لها ولا سرور ولا راحة ولا سكون ولا سلوة .
ومنهم فيثاغورس نقل عنه أنه قيل له : لم قلت بإبطال العالم فقال : لأنه يبلغ العلة التي من أجلها كان فإذا بلغها سكنت حركته ومنهم أفلاطون حكى الشيخ أبو الحسن العامري أنه ذكر في كتابه المعروف بطيماوس أن العالم مكون وأن الباري تعالى قد صرفه من لا نظام إلى نظام وأن جواهره كلها مركبة من المادة والصورة وأن كل مركب معرض للإنحلال نعم إنه قال في أسولوطيقوس أي تدبير البدن إن العالم أبدي غير مكون دائم البقاء وتعلق بهذا ابرقلس فبين كلاميه تناف وقد وفق بينهما تلميذه أرسطاطاليس بما فيه نظر ولعل الأوفق أن يقال على مشربهم : أراد بالعالم الأبدي عالم المفارقات المحضة ومنهم أرسطاطاليس قال في كتاب أثولوجيا إن الأشياء العقلية تلزم الأشياء الحسية والباري سبحانه لا يلزم الأشياء الحسية والعقلية بل هو سبحانه ممسك لجميع الأشياء غير أن الأشياء العقلية هي آنيات حقية لأنها مبتدعة من العلة الأولى بغير وسط وأما الأشياء الحسية فهي آنيات دائرة لأنها رسول الآنيات الحقية ومثالها وإنما قوامها ودوامها بالكون والتناسل كي تدوم وتبقى تشبيها بالأشياء العقلية الثابتة الدائمة وقال في كتاب الربوبية : ابدع العقل صورة النفس من غير أن يتحرك تشبيها بالواحد الحق وذلك أن العقل أبدعه الواحد الحق وهو ساكن فكك النفس أبدعها العقل وهو ساكن أيضا غير أن الواحد الحق أبدع هوية العقل وأبدع العقل صورة النفس ولما كانت معلولة من معلول لم تقو أن تفعل فعلها بغير حركة بل فعلته بحركة وأبدعت صنما وإنما سمي صنما لأنه فعل دائر غير ثابت ولا باق