لا اللام الموصولة للمفعول به النتهى .
وكون المراد مغاضبا لربه D مقتضى زعم اليهود فإنهم زعموا أن الله تعالى أمره أن يذهب إلى نينوى وينذر أهلها فهرب إلى ترسيس من ذلك وانحدر إلى يافا ونزل في السفينة فعظمت الأمواج وأشرفت السفينة على الغرق فاقترع أهلها فوقعت القرعة عليه فرمى بنفسه إلى البحر فالتقمه الحوت ثم ألقاه وذهب إلى نينوى فكان ما كان ولا يخفى أن مثل هذا الهرب مما يجل عنه الأنبياء عليهم السلام واليهود قوم بهت .
ونصب مغاضبا على الحال وهو من المفاعلة التي لا تقتضي اشتراكا نحو عاقبت اللص وسافرت وكأنه استعمل ذلك هنا للمبالغة وقيل المفاعلة على ظاهرها فإنه عليه السلام غضب على قومه لكفرهم وهم غضبوا عليه بالذهاب لخوفهم لحوق العذاب وقرأ أبو سرف مغضبا اسم مفعول فظن أن لن نقدر عليه أي أنه أي الشأن لن نقدر ونقضي عليه بعقوبة ونحوها أو لن نضيق عليه في أمره بحبس ونحوه ويؤيد الأول قراءة عمر بن عبد العزيز والزهري نقدر بالنون مضمومة وفتح القاف وكسر الدال مشددة وقراءة علي كرم الله تعالى وجهه واليماني يقدر بضم الياء وفتح القاف والدال مشددة فإن الفعل فيهما من التقدير بمعنى القضاء والحكم كما هو المشهور ويجوز أن يكون بمعنى التضيق فإنه ورد بهذا المعنى أيضا كما ذكره الراغب وظن معاوية رضي الله تعالى عنه أنه من القدرة فاستشكل ذلك إذ لا يظن أحد فضلا عن النبي عليه السلام عدم قدرة الله تعالى عليه وفزع إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فأجابه بما ذكرناه أولا وجوز أن يكون من القدرة وتكون مجازا عن أعمالها أي فظن أن لن نعمل قدرتنا فيه أو يكون الكلام من باب التمثيل أي فعل فعل من ظن أن لن نقدر عليه في مراغمته قومه من غير انتظار لأمرنا وقيل : يجوز أن يسبق ذلك وهمه عليه السلام بوسوسة الشيطان ثم يردعه ويرد بالبرهان كما يفعل المؤمن المحقق بنزغات الشيطان وما يوسوس في كل وقت ومنه وتظنون بالله الظنونا والخطاب للمؤمنين وتعقبه صاحب الفرائد بأن مثله عن المؤمن بعيد فضلا عن النبي المعصوم لأنه كفر وقوله تعالى تظنون الخ ليس من هذا القبيل على أنه شامل للخلص وغيرهم وبأن ما هجس ولم يستقر لا يسمى ظنا وبأن الخواطر لا عتب عليها وبأنه لو كان حامله على الخروج لم يكن من قبيل الوسوسة وأجيب بأن الظن بمعنى الهجس في الخاطر من غير ترجيح مجاز مستعمل والعتب على ذهابه مغاضبا ولا وجه لجعله حاملا على الخروج ومع هذا هو وجه لا وجاهة له وقرأ ابن أبي ليلى وأبو سرف والكلبي وحميد بن قيس ويعقوب يقدر بضم الياء وفتح الدال مخففا وعيسى والحسن بالياء مفتوحة وكسر الدال .
فنادى الفاء فصيحة أي فكان ما كان من المساهمة والتقام الحوت فنادى في الظلمات أي في الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت جعلت الظلمة لشدتها كأنها ظلمات وأنشد السيرافي : وليل تقول الناس في ظلماته سواء صحيحات العيون وعورها أو الجمع على ظاهره والمراد ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل وقيل : ابتلع حوته حوت أكبر منه فحصل في ظلمتي بطني الحوتين وظلمتي البحر والليل أن لا إله إلا أنت أي بأنه لا إله إلا أنت على أن أن مخففة من الثقيلة والجار مقدر وضمير الشأن محذوف أو أي لا إله إلا أنت على أنها مفسرة سبحانك