ومعي لبوس للبئيس كأنه روق بجبهة ذي نعاج محمل قال قتادة كانت الدروع قبل ذلك صفائح فأول من سردها وحلقها داود عليه السلام فجمعت الخفة والتحصين ويروى أنه نزل ملكان من السماء فمرا به عليه السلام فقال أحدهما للآخر : نعم الرجل داود إلا أنه يأكل من بيت المال فسأل الله تعالى أن يرزقه من كسبه فألان له الحديد فصنع منه الدرع وقريء لبوس بضم اللام لكم متعلق بمحذوف وقع صفة للبوس وجوز أبو البقاء تعلقه بعلمنا أو بصنعة .
وقوله تعالى لتحصنكم متعلق بعلمنا أو بدل اشتمال من لكم بإعادة الجار مبين لكيفية الإختصاص والمنفعة المستفادة من لام لكم والضمير المستتر للبوس والتأنيث بتأويل الدرع وهي مؤنث سماعي أو للصنعة .
وقرأ جماعة ليحصنكم بالياء التحتية على أن الضمير للبوس أو لداود عليه السلام قيل أو التعليم وجوز أن يكون لله تعالى على سبيل الإلتفات وأيد بقراءة أبي بكر عن عاصم لنحصنكم بالنون وكل هذه القراءات بإسكان الحاء والتخفيف وقرأ الفقيمي عن أبي عمرو وابن أبي حماد عن أبي بكر بالياء التحتية وفتح الحاء وتشديد الصاد وابن وثاب والأعمش بالتاء الفوقية والتشديد من بأسكم قيل أي من حرب عدوكم والمراد مما يقع فيها وقيل الكلام على تقدير مضاف أي من آلة بأسكم كالسيف فهل أنتم شاكرون .
80 .
- أمر وارد صورة الإستفهام لما فيه من التقريع بالإيماء إلى التقصير في الشكر والمبالغة بدلالته على أن الشكر مستحق الوقوع بدون أمر فسأل عنه هل وقع ذلك الأمر اللازم الوقوع أم لا ولسليمان الريح أي وسخرنا له الريح وجيء باللام هنا دون الأول للدلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت فإن تسخير ما سخر له عليه السلام كان بطريق الإنقياد الكلي له والإمتثال بأمره ونهيه بخلاف تسخير الجبال والطير لدواود عليه السلام فإنه كان بطريق التبعية والإقتداء به عليه السلام في عبادة الله D عاصفة حال من الريح والعامل فيها الفعل المقدر أي وسخرنا له الريح حال كونها شديدة الهبوب ولا ينافي وصفها بذلك هنا وصفها في موضع آخر بإنها رخاء بمعنى طيبة لينة لأن الرخاء وصف لها باعتبار نفسها والعصف وصف لها باعتبار قطعها المسافة البعيدة في زمان يسير كالعاصفة في نفسها فهي مع كونها لينة تفعل فعل العاصفة .
ويجوز أن يكون وصفها بكل من الوصفين بالنسبة إلى الوقت الذي يريده سليمان عليه السلام فيه وقيل وصفها بالرخاء في الذهاب ووصفها بالعصف بالإياب على عادة البشر في الإسراع إلى الوطن فهي عاصفة في وقت رخاء فيء أخر وقرأ ابن هرمز وأبو بكر في رواية الريح بالرفع مع الإفراد .
وقرأ الحسن وأبو رجاء الرياح بالنصب والجمع وأبو حيوة بالرفع والجمع ووجه النصب ظاهر وأما الرفع فعلى أن المرفوع مبتدأ والخبر هو الظرف المقدم و عاصفة حال من ضمير المبتدأ في الخبر والعامل ما فيه من معنى الإستقرار تجري بأمره أي بمشيئته وعلى وفق إرادته وهو استعمال شائع ويجوز أن يأمرها حقيقة ويخلق الله تعالى لها فهما لأمره كما قيل في مجيء الشجر للنبي صلى الله عليه وسلّم حين دعاها والجملة إما حال ثانية أو بدل من الأولى على ما قيل وقد مر لك غير بعيد الكلام في إبدال الجملة من المفرد فتذكر أو حال من ضمير الأولى إلى الأرض التي باركنا فيها وهي