ابن جرير وابن أبي حاتم عن شعيب الجباري هيون وقيل : هدير وفي البحر أنهم ذكروا له اسما مختلفا فيه لا يوقف منه على حقيقة وروي أنهم حين هموا بإحراقه حبسوه ثم بنوا بيتا كالحظيرة بكوثي قرية من قرى الأنباط في حدود بابل من العراق وذلك قوله تعالى قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم فجمعوا له صلاب الحطب من أصناف الخشب مدة أربعين يوما فأوقدوا نارا عظيمة لا يكاد يمر عليها طائر في أقصى الجو لشدة وهجها فلم يعلموا كيف يلقونه عليه السلام فيها فأتي إبليس وعلمهم عمل المنجنيق فعملوه وقيل : صنعه الكردي الذي أشار بالتحريق ثم خسف به ثم عمدوا إلى إبراهيم عليه السلام فوضعوه في المنجنيق مقيدا مغلولا فصاحت ملائكة السماء والأرض إلهتا ما في أرضك أحد يعبدك غير إبراهيم عليه السلام وأنه يحرق فيك فأذن لنا في نصرته فقال جل وعلا : إن استغاث بأحد منكم فلينصره وإن لم يدع غيري فأنا أعلم به وأنا وليه فخلوا بيني وبينه فإنه خليلي ليس لي خليل غيره وأنا إلهه ليس له إله غيري فأتاه خازن الرياح وخازن المياه يستأذنانه في إعدام النار فقال عليه السلام لا حاجة لي إليكم حسبي الله ونعم الوكيل وروي عن أبي بن كعب قال : حين أوثقوه ليلقوه في النار قال عليه السلام : لا إله إلا أنت سبحانك لك الحمد ولك الملك لا شريك لك ثم رموا به فأتاه جبريل عليه السلام فقال : يا إبراهيم ألك حاجة قال : أما إليك فلا قال : جبريل عليه السلام فاسأل ربك فقال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ويروى أن الوزغ كان ينفخ في النار وقد جاء ذلك في رواية البخاري .
وفي البحر ذكر المفسرون أشياء صدرت عن الوزغ والبغل والخطاف والضفدع والعضرفوط والله تعالى أعلم بذلك فلما وصل عليه السلام الحظيرة جعلها الله تعالى ببركة قوله عليه السلام روضة وذلك قوله سبحانه وتعالى قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
69 .
- أي كوني ذات برد وسلام أي ابردي بردا غير ضار ولذا قال علي كرم الله تعالى وجهه فيما أخرجه عند أحمد وغيره : لو لم يقل سبحانه وسلاما لقتله بردها وفيه مبالغات جعل النار المسخرة قدرته تعالى مأسورة مطاوعة وإقامة كوني ذات برد مقام ابردي ثم حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وقيل : نصب سلاما بفعله أي وسلمنا سلاما عليه والجملة عطف على قلنا وهو خلاف الظاهر الذي أيدته الآثار روي أن الملائكة عليهم السلام أخذوا بضبعي إبراهيم عليه السلام فأقعدوه على الأرض فإذا عين ماء عذب وورد أحمر ونرجس ولم تحرق النار إلا أوثاقه كما روي عن كعب وروي أنه عليه السلام مكث فيها أربعين يوما أو خمسين يوما وقال عليه السلام : ما كنت أطيب عيشا مني إذ كنت فيها قال ابن إسحاق : وبعث الله تعالى ملك الظل في صورة إبراهيم عليهم السلام يؤنسه قالوا : وبعث الله D جبريل عليه السلام بقميص من حرير الجنة وطنفسة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه وقال جبريل عليه السلام : يا إبراهيم إن ربك يقول : أما علمت أن النار لا تضر أحبابي ثم أشرف نمروذ ونظر من صرح له فرآه جالسا في روضة والملك قاعد إلى جنبه والنار محيكة به فنادى يا إبراهيم كبير إلهك الذي بلغت قدرته أن حال بينك وبين ما أرى يا إبراهيم هل تستطيع أن تخرج منها قال إبراهيم عليه السلام : نعم قال : هل تخشى إن نمت فيها أن تضرك قال : لا قال : فقم فاخرج منها فقام عليه السلام يمشي فيها حتى خرج منها فاستقبله نمروذ وعظمه وقال له : يا إبراهيم من الرجل الذي رأيته معك في صورتك قاعدا إلى جنبك قال : ذلك ملك الظل أرسله إلي ربي ليؤنسني فيها فقال : يا إبراهيم إني مقرب