لكون ما هم عليه ضلالا وتعجبا من تضليله عليه السلام إياهم على أتم وجه أجئتنا بالحق أي بالجد أم أنت من اللاعبين .
55 .
- أي الهازلين فالإستفهام ليس على ظاهره بل هو استفهام مستبعد متعجب وقولهم أم أنت الخ عديله كلام منصف موميء فيه بألطف وجه أن الثابت هو القسم الثاني لما فيه من أنواع المبالغة وأشار في الكشاف كما في الكشف إلى أن الأصل هذا الذي جئتنا به أهو جد وحق أم لعب وهزل إلا أنه عدل عنه إلى ما عليه النظم الكريم لما أشير إليه .
وقال صاحب المفتاح : أي أجددت وأحدثت عندنا تعاطي الحق أم أحوال الصبا بعد على الإستمرار وهو أقرب إلى الظاهر وفيه الإشارة إلى فائدة العدول عن المعادل ظاهرا وبيان بالمجيء وظاهر كلام الشيخين أن أم متصلة واختار العلامة الطيبي أنها منقطعة فقال : إنهم لما سمعوا منه عليه السلام ما يدل على تحقير آلهتهم وتضليلهم وآبائهم على أبلغ وجه وشاهدوا منه الغلظة والجد طلبوا منه عليه السلام البرهان فكأنهم قالوا هب أنا قد قلدنا آباءنا فيما نحن فيه فهل معك دليل على ما ادعيت أجئتنا بالحق ثم أضربوا عن ذلك وداؤا بام المتضمنة لمعنى بل الإضرابية والهمزة التقديرية فأضربوا ببل عما أثبتوا وقرروا بالهمزة خلافه على سبيل التوكيد والبت وذلك أنهم قطعوا أنه لاعب وليس بمحق البتة لأن إدخالهم إياه في زمرة اللاعبين أي أنت غرق في اللعب داخل في زمرة الذين قصارى أمرهم في إثبات الدعاوي اللعب واللهو على سبيل الكناية الإيمائية دل على إثبات ذلك بالدليل والبرهان وهذه الكناية توقفك على أن أم لا يجوز أن تكون متصلة قطعا وكذا بل فيما بعد انتهى والحق أن جواز الإنقطاع مما لا ريب فيه وأما وجوبه ففيه ما فيه .
قال ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن أي أنشأهن بما فيهن من المخلوقات التي من جملتها أنتم وآباؤكم وما تعبدون من غير مثال يحتذيه ولا قانون ينتحيه وهذا انتقال عن تضليلهم في عبادة الأصنام ونفى عدم استحقاقها لذلك إلى بيان الحق وتعيين المستحق للعبادة وضمير فطرهن أما للسماوات والأرض واستظهره أبو حيان ووصفه تعالى بإيجادهن أثر وصفه سبحانه بربوبيته لهن تحقيقا للحق وتنبيها على أن ما لا يكون كذلك بمعزل عن الربوبية التي هي منشأ استحقاق العبادة وإما للتماثيل ورجح بأنه أدخل في تحقيق الحق وإرشاد المخاطبين إليه وليس هذا الضمير من الضمائر التي تخص من يعقل من المؤنثات كما ظنه ابن عطية فتكلف لتوجيه عوده لما لا يعقل وقوله تعالى وأنا على ذلكم من الشاهدين .
56 .
- تذييل متضمن أرد نسبتهم إياه عليه السلام إلى اللعب والهزل والإشارة إلى المذكور والجار الأول متعلق بمحذوف أي وأنا شاهد على ذلكم من الشاهدين أو على جهة البيان أي أعني على ذلكم أو متعلق بالوصف بعده وإن كان في صلة أل لاتساعهم في المظروف أقوال مشهورة والمعنى وأنا على ذلكم الذي ذكرته من العالمين به على سبيل الحقيقة المبرهنة عليه ولست من اللاعبين فإن الشاهد على الشيء من تحققه وحققه وشهادته على ذلك إدلاؤه بالحجة عليها وإثباته بها .
وقال شيخ الإسلام : إن قوله بل ربكم الخ إضراب عما بنوا عليه مقالهم من اعتقاد كون تلك التماثيل أربابا لهم كأنه قيل ليس الأمر كذلك بل ربكم الخ وقال القاضي : هو إضراب عن كونه عليه السلام لاعبا