أنا نأتي الأرض أي أرض الكفرة أو أرضهم ننقصها من أطرافها بتسليط المسلمين عليها وحوز ما يحوزونه منها ونظمه في سلك ملكهم والعدول عن أنا ننقص الأرض من أطرافها إلى ما في النظم الجليل لتصوير كيفية نقصها وانتزاعها من أيديهم فإنه بإتيان جيوش المسلمين واستيلائهم وكان الأصل يأتي جيوش المسلمين لكنه أسند الإتيان إليه D تعظيما لهم وإشارة إلى أنه بقدرته تعالى ورضاه وفيه تعظيم للجهاد والمجاهدين .
والآية كما قدمنا أول السورة مدنية وهي نازلة بعد فرض الجهاد فلا يرد أن السورة مكية والجهاد فرض بعدها حتى يقال : إن ذلك إخبار عن المستقبل أو يقال : إن المراد ننقصها بإذهاب بركتها كما جاء في رواية عن ابن عباس أو بتخريب قراها وموت أهلها كما روي عن عكرمة وقيل ننقصها بموت العلماء وهذا إن صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلا معدل عنه وإلا فالأظهر نظرا إلى المقام ما تقدم ويؤيده قوله تعالى أفهم الغالبون .
44 .
- على رسول الله A والمؤمنين والمراد إنكار ترتيب الغالبية على ما ذكر من نقص أرض الكفرة بتسليط المؤمنين عليها كأنه قيل أبعد ظهور ما ذكر ورؤيتهم له يتوهم غلبتهم وفي التعريف تعريض بأن المسلمين هم المتعينون للغلبة المعروفون فيها قل إنما أنذركم بعد ما بين من جهته تعالى غاية هول ما يستعجله المستعجلون ونهاية سوء حالهم عند إتيانه ونعي عليهم جهلهم بذلك وإعراضهم عن ذكر ربهم الذي يكلؤهم من طوارق الليل وحوادث النهار وغير ذلك من مساويهم أمر E بأن يقول لهم : إنما أنذركم ما تستعجلونه من الساعة بالوحي الصادق الناطق بإثباتها وفظاعة ما فيها من الأهوال أي إنما شأني أن أنذركم بالإخبار بذلك لا بالإتيان بها فإنه مزاحم للحكمة التكوينية والتشريعية فإنه الإيمان برهاني لا عياني .
وقوله تعالى ولا يسمع الصم الدعاء إما من تتمة الكلام الملقن تذييل له بطريق الإعتراض قد أمر A بأن يقوله لهم توبيخا وتقريعا وتسجيلا عليهم بكمال الجهل والعناد وإما من جهته تعالى على طريقة قوله سبحانه بل هم عن ذكر ربهم معرضون كأنه قيل قل لهم ذلك وهم بمعزل عن السماع واللام في الصم إما للجنس المنتظم لهؤلاء انتظاما أوليا وإما للعهد فوضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالتصامم وتقييد نفي السماء بقوله تعالى إذا ما ينذرون .
45 .
- مع أن الصم لا يسمعون مطلقا لبيان كمال شدة الصمم كا أن إيثار الدعاء الذي هو عبارة عن الصوت والنداء على الكلام لذلك فإن الإنذار عادة يكون بأصوات عالية مكررة مقارنة لهيئات دالة عليه فإن لم يسمعوها يكن صممهم في غاية لم يسمع بمثلها وقيل لأن الكلام في الإنذار ألا ترى قوله تعالى قل إنما أنذركم بالوحي وفيه دغدغة لا تخفى .
وقرأ ابن عامر وابن جبير عن ابن عمرو وابن الصلت عن حفص تسمع بالتاء على الخطاب للنبي A من الإسماع الصم الدعاء بنصبهما على المفعولية وهذه القراءة تؤيد احتمال كون الجملة من جهته تعالى وقريء يسمع بالياء على الغيبة وإسناد الفعل إلى ضميره A الصم الدعاء بنصبهما على ما مر وذكر ابن خالويه أنه قريء يسمع مبنيا للمفعول الصم بالرفع على النيابة عن الفاعل الدعاء بالنصب على المفعولية وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي عن اليزيدي عن أبي عمرو يسمع بضم ياء الغيبة وكسر الميم الصم