يكون لأحد في ذلك دخل ما استقلالا واستتباعا وكأنه أريد هنا إظهار مزيد العظمة فجيء بالسماوات جمعا على معنى له كل من هو في واحدة واحدة من السماوات ولم يرد فيما مر سوى بيان اشتمال هذا السقف المشاهد والفراش الممهد وما استقر بينهما على الحكم التي لا تحصى فلذا جيء بالسماء بصيغة الإفراد دون الجمع .
وفي الإتقان حيث يراد العدد يؤتى بالسماء مجموعة وحيث يراد الجهة يؤتى بها مفردة ومن عنده وهم الملائكة مطلقا عليهم السلام على ما روي عن قتادة وغيره والمراد بالعندية عندية الشرف لا عندية المكان وقد شبه قرب المكانة والمنزلة بقرب المكان والمسافة فعبر عن المشبه بلفظ دال على المشبه به فهناك استعارة مصرحة .
وقيل عبر عنهم بذلك تنزيلا لهم لكرامتهم عليهم D منزلة المقربين عند الملوك بطريق التمثيل والموصول مبتدأ خبره قوله تعالى لا يستكبرون عن عبادته أي لا يتعظمون عنها و يعدون أنفسهم كبراء ولا يستحسرون .
19 .
- أي لا يكلون ولا يتعبون يقال حسر البعير واستحسر كل وتعب وحسرته أنا فهو متعد لازم يقال أيضا أحسرته بالهمز .
والظاهر أن الإستحسار حيث لا طلب كما هنا أبلغ من الحسور فإن زيادة المبني تدل على زيادة المعنى والمراد من الإتحاد بينهما الدال عليه كلامهم الإتحاد في أصل المعنى والتعبير به للتنبيه على أن عبادتهم بثقلها ودوامها حقيقة بأن يستحسر منها ومع ذلك لا يستحسرون وليس لنفي االمبالغة في الحسور مع ثبوت أصله في الجملة ونظير ذلك قوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد على أحد الأوجه المشهورة فيه .
وجوز أبو البقاء وغيره أن يكون ذلك معطوفا على من الأولى وأمر تفسيره بالملائكة عليهم السلام على حاله وذكر أن هذا العطف لكون المعطوف أخص من المعطوف عليه في نفس الأمر كالعطف في قوله تعالى تنزل الملائكة والروح في الدلالة على رفعة شأن المعطوف وتعظيمه حيث أفرد بالذكر مع اندراجه في عموم ما قبله وقيل إنما أفرد لأنه أعم من وجه فإن من في الأرض يشمل البشر ونحوهم وهو يشمل الحافين بالعرش دونه وجوز أن يراد بمن عنده نوع من الملائكة عليهم السلام متعال عن التنبوء والإستقرار في السماء والأرض وكأن هذا ميل إلى القول بتجرد نوع من الملائكة عليهم السلام وأنت تعلم أن جمهور أهل الإسلام لا يقولون بتجرد شيء من الممكنات والمشهور عن القائلين به القول بتجرد الملائكة مطلقا إلا بتجرد بعض دون بعض .
ثم إن أبا البقاء جوز في قوله تعالى لا يستكبرون على هذا الوجه أن يكون حالا من الأولى والثانية على قول من رفع بالظرف أو من الضمير في الظرف الذي هو الخبر أو من الضمير في عنده ويتعين أحد الأخيرين عند من يعرب من مبتدأ ولا يجوز مجيء الحال من المبتدأ ولا يخفى .
وجوز بعض الأفاضل أن تكون الجملة مستأنفة والأظهر جعلها خبرا لمن عنده وفي بعض أوجه الحالية ما لا يخفى وقوله تعالى يسبحون الليل والنهار استئناف وقع جوابا عما نشأ مما قبله كأنه قيل ماذا يصنعون في عبادتهم أو كيف يعبدون فقيل يسبحون الخ .
وجوز أن يكون في موضع الحال من ضمير لا يستحسرون وقوله سبحانه لا يفترون .
20 .
- في موضع الحال من ضمير يسبحون على تقديري الإستئناف والحالية وجوز على تقدير الحالية أن يكون هذا حالا من